بالقول: إنه قد يكون اتهام النظام مبنيا في أصله على ما أشيع عنه بالقول بها، وقد يكون منها براء.
ولا خلاف في أن إثم القول بالصرفة - على اعتبارها طعنا في ذاتية الإعجاز القرآني - يقع على أول قائل بها سواء كان هو النظام أو من نسبها إلى النظام، بل على البادئ وزر من قال بها بعده، إذا كان قوله مؤسَّساً على مشايَعَةِ أول قائل بها، والارتضاءِ بها وجها للإعجاز.
ولكن متى اتخذ الكلام في الإعجاز الصورة العلمية المنظمة؟
في أواخر القرن الثاني وأوائل الثالث بدأ الكلام في الإعجاز بصورة علمية منظمة ففي هذا العصر ظهرت أكثرُ النظريات الرئيسية في الإعجاز، صادرة عن المتفلسفين والمعتزلة والمتكلمين، وكثر الكلام في الدين والنبوة وبُحِثَ الإعجاز على أنه فرع لهما.
وشاهَدَتْ هذه الحِقْبَةُ ظهورَ منكرِي الإعجاز كابن الراوندي أبي الحسين أحمد بن يحيي "ت ٢٩٣ وقيل: ٣٠١ وقيل: ٣٥٠" (١) الذي بسط لسانه في مناقضة الشريعة وإنكاره إعجاز القرآن في كتابه "الفريد" وقيل: إنه عارض القرآن في كتاب سماه "التاج" (٢) ومن كتبه "الزمردة" و "قضيب الذهب"، و"المرجان"، و"البصيرة".

(١) الحاشية بهامش تاريخ آداب العرب جـ٢ صـ١٨٠.
(٢) تاريخ آداب العرب المرجع السابق صـ١٨٢.


الصفحة التالية
Icon