الإعجاز الذاتي لأن الألفاظ من أول نزول القرآن إلى آخر يوم يُقرأ فيه هذا القرآن لم ولن يمسها نقص أو زيادة، مع أنه إعجاز غير مطرد في كل الآيات ولذلك تنقسم أوجه الإعجاز إلى ثوابت ومتغيرات، وهذه الثوابت تنقسم إلى: ثوابتَ مطردةٍ عامةٍ في كل الآيات والسور، وثوابتَ ينقدح وجودها في آيات دون آيات.
أما المتغيرات فهي كل ما يمس أصلا من أصول النظريات العلمية التي تقحمت على الإنسان مداخل فكره، فراح يصوب منها بعضَها بما يُلْهَم به من فكر فيستوضح بها معنى لآية أو آيات.
فالنص القرآني في نفسه من حيث هو كلام عربي، له وجه يتعلق به وهو اللغوي البياني، أو ما يسمى بالنظم، ووجه يتعلق بمفهوم النص القرآني ولو تأويلا من كل ما يستنبط منه أصول أو مفاتيح للعلوم ويقصد بالمؤول ما يؤول إليه فهم النص بعد استدراكه من خارج القرآن الكريم وثبت أنه من الحقائق العلمية التي لا تنقض.
وهناك وجه يتعلق بالنص من حيث المبالغة في معناه لإيجاد التوافُقِ أو التوفيق بينه وبين سائر النظريات التفسيرية لبعض الظواهر في هذا الكون الفسيح، واختط الثلاثة سبيلا واحدا هو إقامة البرهان على أن هذا الكلام لم يقله بشر وإنما هو من عند الله.
والنوعان الأخيران برز أولهما أولَ ما بَرَزَ أولُ الثلاثة وامتد معه على سبيل واحدة، حتى رافقهما في الآونة الأخيرة النوع الثالث، ليعلن الثلاثة بقاء قيام التحدي مع البرهان لكل الخلق على صدق كلام الخالق حتى تقوم الساعة، وأنه ما ينبغي لبشر أن يقوله، ولعل هذا مفاد قوله تعالى ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ (فصلت: ٥٣)


الصفحة التالية
Icon