من يعلم الأخبار سوى أهل الكتاب الذين صرح بسبهم وثلبهم، وضلل عقولهم، ولو علَّمه أحد منهم لصرح بالرد عليه وحيث لم ينقل ذلك، عُلِمَ أنه لم يعلمه بشر وإنما علمه الحكيم الخبير.
ولم يَدَع ابنُ القيم هذا الوجهَ حتى أورد ما اعتَرَض به عليه بأن بعض سور القرآن ليس فيها أخبارُ الماضين، وتلك السور معجزةُُ تحداهم الله بالإتيان بمثلها فعجزوا.
ب- ومنهم من قال إعجازه بما فيه من الإخبار بما يكون وما كان مما وقع على حكم ما أخبر به مثل قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾.
واعترض عليه بما رد به سابقه.
ج- ومنهم من قال إعجازه بما احتوى عليه من العلوم التي لم يسبق إليها أحد من البشر قبل نزوله ولا اهتدت إليها فطن العرب ولا غيرهم من الأمم.
وقد اعترض بأنه وجد في السنة وكلام العرب مثل هذا ولم يعد معجزة.
د- ومنهم من قال إعجازه إنما حصل فيه من نشاطِ القلوبِ الواعية وغيرِ الواعيةِ إليه، وإقبالها بوجه المودة عليه، واستجلاءِ طعم عذوبةِ ألفاظه ومعانيه، وهشاشتها بما يتردد عليها من مبشراته المبهجة ومحذراته المزعجة وآياته المقلقة وأخباره المونقة مع كثرة قرعه للأسماع وصدعه بما يخالف الطباع، ومع ذلك فالقلوب مقبلة على أذكاره، راغبة في تكراره،. يجد ذلك منهم البر والفاجر والمؤمن والكافر ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً﴾. (الزمر: ٢٣) وقد اعترض على هذا القول بأنه في السنة وكلام فصحاء العرب ما يحسن موقعه ولا تمله على تكراره.


الصفحة التالية
Icon