القرآن كلام رب الناس وخالقهم، والأعلم بما يصلح لهم ويُصلحهم، ناهيك عن إعجاز ما تضمنه القرآن في مجال الهداية كذلك من سمو تشريعه، وعلو دعوته.
وهذا وما سبق يؤكد على أن العناية بعلم (إعجاز القرآن) إجمالا وتفصيلا من أكثر الأمور ضرورة، وهو ما نبه إليه العلماء قديما وحديثا.
قال القاضي أبو بكر الباقلانى رحمه الله تعالى. (ومن أهم ما يجب على أهل دين الله كشفه، وأولى ما يلزم بحثه، ما كان لأصل دينهم قواما، ولقاعدة توحيدهم عماداً ونظاماً، وعلى صدق نبيهم ﷺ برهانا، ولمعجزته ثبتا وحجة، لا سيما والجهل ممدود الرواق، شديد النفاق، مستول على الآفاق، والعلم إلى عفاء ودروس).
ثم يقول: (وقد كان يجوز ممن عمل الكتب النافعة في معاني القرآن، وتكلم في فوائده من أهل صنعة العربية وغيرهم من أهل صناعة الكلام أن يبسطوا القول في الإبانة عن وجه معجزته والدلالة على مكانه، فهو أحق بكثير مما صنفوا فيه: من القول في الجزء، ودقيق الكلام في الأغراض، وكثير من بديع الإعراب، وغامض النحو، فالحاجة إلى هذا أمس والاشتغال به أوجب) (١).
لقد منَّ الله تعالى على علماء الأمة بحفظ هذا العلم، فأولت إعجاز القرآن وبيانه للناس جل اهتمامها، وتتابعت في ذلك المصنفات –كما سيأتى بيانه- وظلت ترى- مع ذلك- أن الكلام في إعجاز القرآن واجب لا يسع الأمة في مجملها تركه.