لازما، فعدم الإتيان بهذه المعارضة مع التقديرات المذكورة يكون نقضاً للعادة فيكون معجزاً، فهذا هو الطريق الذى نختاره في هذا الباب) (١).
وهو كلام من الرازي فيه من التردد في الحكم ما يفتح الباب ولا يغلقه أمام جواز القول بالصرفة، بل لعله إليه أقرب وهو أسلوب غير مرضيّ في مثل هذه القضايا الحاسمة.
ومهما يكن من أمر فإن القول بالصرفة وإن أنكرناه ورفضناه بشدة إلا أنه أمر واقع في مصنفات من كتبوا في الإعجاز مثل الخطابي والرماني كما أسلفنا، وكذلك من جاء بعدهم سواء كان ذلك منهم تأييداً أو رفضا، لكننا لا نستطيع أن نمنع أنفسنا من الأسى على استدعائه كل هذا الجهد حوله مما كان يمكن أن يتوفر لغيره من الدراسات القرآنية النافعة، ونحن بهذا مع الرافعى رحمه الله فيما لفت النظر إليه عندما قال:
(على أن القول بالصرفة هو المذهب الفاشي من لدن قال به النظام-يصوبه فيه قوم ويشايعه عليه آخرون، ولولا احتجاج هذا البليغ لصحته، وقيامه عليه، وتقلده أمره، لكان لنا اليوم كتب ممتعة في بلاغة القرآن وأسلوبه، وإعجازه اللغوى، وما إلى ذلك، ولكن القوم-عفا الله عنهم- أخرجوا أنفسهم من ذلك كله، وكفوها مؤنته بكلمة واحدة تعلقوا عليها، فكانوا فيها جميعا كقول الشاعر الظريف الذى يقول:

كأننا والماء من حولنا قوم جلوس حولهم ماء (٢
وهذا الذى ذكره الرافعى إنما يعبر عن حرص شديد على نفي الشوائب عن موضوع أوجه إعجاز القرآن الكريم وتوفير كل الجهد لدراستها
(١) مفتاتيح الغيب: مجلدا حـ٢١ ص٥٥
(٢) إعجاز القرآن للرافعى: ١٤٦


الصفحة التالية
Icon