القرآنى في نظمه (١) وعرض بلاغة القرآن في آياته، في الإيجاز والحذف والزوائد والفصول والاستعارات، وجمع المعاني الكثيرة في الألفاظ القليلة إلى آخره، وقوله عن القرآن بصفة عامة: وفي كتابنا المنزل الذى يدل على أنه صدق: نظمه البديع الذي لا يقدر على مثله العباد مع ما سوى ذلك من الدلائل التى جاء بها من جاء به) (٢).
وفي أواخر القرن الثالث الهجرى وضع أبو عبد الله محمد بن يزيد الواسطى (ت سنة ٣٠٦هـ) كتابا سماه (إعجاز القرآن في نظمه وتأليفه) وهو يعد بناء على ما ابتدأه الجاحظ، وإلى كتاب الواسطى هذا ينسب الرافعى السبق في بسط القول في الإعجاز، فيقول، (بيد أن أول كتاب وضع لشرح الإعجاز وبسط القول فيه على طريقتهم في التأليف إنما هو فيما نعلم كتاب "إعجاز القرآن" لأبى عبد الله محمد بن يزيد الواسطي) (٣).
ثم جاء القرن الرابع الهجرى، وفيه ألف أبو الحسن على بن عيسى الرمانى (ت سنة ٣٨٦هـ) كتابا صغيراً سماه: (النكت في إعجاز القرآن) وقد جاء في شكل جواب عن سؤال وُجِّه للرمانى عن ذكر نكت إعجاز القرآن دون التطويل والحجاج، فلخص جوانب الإعجاز في وجوه سبعة: ترك المعارضة مع توفر الدواعى وشدة الحاجة، والتحدى للكافة، والصرفة، والبلاغة، والأخبار الصادقة عن الأمور المستقبلة، ونقص العادة، وقياسة بكل معجزة، لكنه يوجه الاهتمام من بينها إلى البلاغة، فيبين أنها على ثلاث طبقات، منها ما هو في أعلى طبقة، وما هو في أدنى طبقة، وما هو في
(٢) الحيوان: ٤/٨٥
(٣) إعجاز القرآن: ١٥٢