الإتيان بمثل هذه الأمور، والجمع بين أشتاتها حتى تنتظم وتتسق أمر تعجز عنه قوى البشر، وفي النهاية لفت النظر إلى وجه في الإعجاز ذهب عنه الناس –على حسب قوله- وهو صنيع القرآن بالقلوب وتأثيره القوى في النفوس (١). وهو ما يمكن أن نسميه بالإعجاز النفسى.
وجاء بعد ذلك واحد من أشهر من كتبوا في إعجاز القرآن وانتشرت كتبهم، وهو الإمام أبو بكر محمد بن الطيب الباقلانى (ت سنة٤٠٣هـ) فألف كتابه (إعجاز القرآن) الذى قال في سبب تأليفه (وسألنا سائل أن نذكر جملة من القول جامعة: تسقط الشبهات، وتزيل الشكوك التى تعرض للجهال، وتنتهى إلى ما يخطرلهم، ويعرض لأفهامهم، فأجبناه إلى ذلك متقربين إلى الله عز وجل، ومتوكلين عليه، وعلى حسن توفيقه ومعونته).
وقد ذكر في الفصل الثالث (٢). من هذا الكتاب جملة من وجوه الإعجاز متمثلة في: الإخبار عن الغيوب المستقبلة، وقصص الأولين، وبديع نظم القرآن، وعجيب تأليفه، وما فيه من الشريعة والأحكام التى يتعذر على البشر مثلها.
وفي الفصل الرابع (٣). يشرح عددا من هذه الوجوه، وهو في كل ذلك يذكر شواهد القرآن التى تؤيد كلامه وفي أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الهجرى أفرد القاضي عبد الجبار أحمد بن خليل بن عبد الله (ت
وما بعدها
(٢) إعجاز القرآن للبلاقلانى: ٢٤، ٢٥
(٣) نفس المصدر: ٨٤ وما بعدها