آية، وقد يستتر البعض كالإخبار عن الغيب، ولا ضير ولا عيب، فما يبقى كافٍ، وفي الغرض وافٍ) (١).
وفي القرن الرابع عشر تصدى مصطفي صادق الرافعى (ت سنة ١٣٥٦ هـ‍) لقضية الإعجاز بكتاب قيم هو: (إعجاز القرآن والبلاغة النبوية) تكلم فيه على معنى الإعجاز ومذاهب القدماء فيه، ومؤلفاتهم في فنة، ثم تكلم على حقيقة الإعجاز، واشتدت وطأته على القائلين بالصرفة، كما نقد كثيراً من العلماء الذين ألفوا في الإعجاز مثل المرتضى من الشيعة وغيره.
ففي أول كلامه يحدد مفهومه للإعجاز فيقول: (وإنما الإعجاز شيئان: ضعف القدرة الإنسانية في محاولة المعجزة ومزاولته على شدة الإنسان واتصال عنايته، ثم استمرار هذا الضعف على تراخي الزمن وتقدمه، فكأن العالم كله في العجز إنسان واحد ليس له غير مدته المحدودة بالغة ما بلغت) (٢).
أما وجه الإعجاز الذي يرتضيه فيبينه بقوله (أما الذي عندنا في وجه إعجاز القرآن وما حققناه بعد البحث، وانتهينا إليه بالتأمل وتصفح الآراء وإطالة الفكر، وإنضاج الروية، وما استخرجناه من القرآن نفسه في نظمه ووجه تركيبه، واطراد أسلوبه، ثم ما تعاطيناه لذلك من التنظير والمقابلة، واكتناه الروح التاريخية في أوضاع الإنسان، وآثاره وما نتج لنا من تتبع كلام البلغاء في الأغراض التى يقصد إليها، والجهات التى يعمل عليها، وفي رد وجوه البلاغة إلى أسرار الوضع اللغوي، التي مرجعها إلى الإبانة عن حياة المعنى بتركيب حي من الألفاظ يطابق سنن الحياة في دقة التأليف، وإحكام الوضع، وجمال التصوير، وشدة الملاءمة).

(١) روح المعانى: ١/٣١
(٢) إعجاز القرآن للرافعى: ١٣٩


الصفحة التالية
Icon