أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (العنكبوت: ٥٠، ٥١)
ولقد عرف المسلمون منذ عصر نزول القرآن شأن معجزته، فأكبروه، وبذل علماؤهم جهودهم، ووقفوا الكثير من أعمارهم على إبراز وجوه إعجاز هذا الكتاب الكريم، واستمرت هذه الجهود المباركة موفورة إلى يوم الناس هذا، فسجلت القرون المباركة وما بعدها من تاريخ المسلمين كتابات في هذا المجال لم ينقطع مددها، ولم يتوقف تتابعها.
ولقد أولت المملكة العربية السعودية-فيما نهضت به من أعباء خدمة الإسلام في شتى مجالاته-كتاب الله تعالى مزيد حياطة ورعاية، تمثلت في هذا الصرح الإسلامى الشامخ، وهو مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الذي قام ويقوم بفضل من الله تعالى بخدمة كتابه الكريم طباعة المصحف، وتفسيراً للقرآن، وترجمة لمعانيه، وإثراء للدراسات القرآنية في شتى مجالاتها، وأخيراً وليس بآخر كان من معالم هذه الجهود المباركة دعوة المجمع إلى ندوة علمية عن (عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه) شملت عدة محاور تضمنت موضوعات شتى تصب كلها في هذا الهدف النبيل، هدف خدمة القرآن الكريم.
وتلبية لدعوة كريمة من أمانة المجمع يأتي هذا البحث في (عناية المسلمين بإبراز وجوه الإعجاز في القرآن الكريم) مشاركة متواضعة في هذا العمل الكبير.
وصلب الموضوع في هذا البحث يتناول قضيتين الأولى: قضية التأصيل التاريخي لموضوع الإعجاز، وذلك من خلال المصنفات التي تناولته عبر قرون