يستثقلون سماعه، ويزيدهم نفورا كما قال تعالى، ويودون انقطاعه لكراهتهم له… وأما المؤمن فلا تزال روعته به وهيبته إياه مع تلاوته توليه انجذابا، وتكسبه هشاشة لميل قبله إليه، وتصديقه به) (١).

(١) الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ١/٢٣٠، ٢٣١

سادسا: إعجاز القرآن في هديه وتشريعه
جاء القرآن الكريم بشرائع الهدى لإصلاح الخلق، وإقامتهم على طريق الحق والفلاح، فلم تسمُ شريعة من الشرائع أن تبلغ ما في شريعة القرآن من: إحكام، ويسر، ودقة، ذلك أنها شريعة الله تعالى التي تنطلق في تكاليفها من رحمته سبحانه بعباده، ومراعاة مصالحهم وقدراتهم البشرية، قال الله تعالى ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾ (البقرة: ٢٨٦) وقال سبحانه ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (البقرة: ١٨٥). وقال عز وجل ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ (المائدة: ٧).
لقد ألزم تشريع القرآن بالواجبات إلزاما، ثم هو بعد ذلك جعل للضرورات أحكامها ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ﴾ (المائدة: ٣). ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (الأنعام: ٤٥).
وجعل للرخص مجالاتها: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (النحل: ١٠٦).


الصفحة التالية
Icon