الدراسات القرآنية إفادة واسعة؛ من حيث إنها قدّمَتْ فيضاً من الشواهد والأقوال واللغات التي تدور حول المفردة القرآنية، ولا تخلو هذه المعاجم ولاسيما المطولة منها من تفسير غريب القرآن، وضبط ألفاظه، وبيان لهجات العرب المختلفة.
ومن هذه المعاجم ((تهذيب اللغة)) للأزهري، و ((لسان العرب)) لابن منظور، و ((تاج العروس)) للزبيدي. ومن أمثلة الصلة الوثيقة بين هذه المعاجم وتفسير كتاب الله أن صاحب ((اللسان)) في مادة ((يأس)) تعرضَّ لاختلاف أهل اللغة في معاني اليأس وهل يكون بمعنى العلم؟ وأشار إلى اختلاف المفسرين في قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً﴾ (الرعد: ٣١) وما ينجم عنه في توجيه الآية، وسَمَّى طائفة من القبائل العربية التي تستعمل اليأس بمعنى العلم، وعرض شواهد من الشعر العربي الفصيح التي تدعم هذا الاستعمال.
والواقع أن باب اللغة واسع، بذل السلف من خلاله جهوداً طيبة أسهمت في فهم التنزيل العزيز وتدبُّر آياته، ولم تنقطع هذه الدراسات عبر القرون والأجيال التالية، وحَسْبُنا من القلادة ما أحاط بالعنق.