ومن أمثلة ذلك ما ورد في كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام ((لغات القبائل)) (١) :((رَغَداً من قوله تعالى: ﴿وَكُلا مِنْهَا رَغَداً﴾ (البقرة: ٣٥) يعني الخِصْب بلغة طيئ، و ((الصاعقة)) مِنْ قوله تعالى: ﴿فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ﴾ (البقرة: ٥٥) يعني المَوْتة بلغة عُمان، و ((خاسئين)) من قوله تعالى: ﴿كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ (البقرة: ٦٥) يعني صاغرين بلغة كنانة، و ((وسَطاً)) من قوله تعالى: ﴿جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ (البقرة: ١٤٣) يعني عَدْلاً بلغة قريش)).
وقد أفاد المفسرون كثيراً من معرفة لغات العرب الوادرة في القرآن الكريم، واستندوا إليها في تفسير كثير من الآيات الكريمة، وحدث بينهم مناقشات واختلافات في اعتماد معنى الآية المشهور، أو الاتجاه إلى تفسيرها في ضوء لغات العرب. ومن ذلك قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً﴾ (الرعد: ٣١) فهل اليأس في الآية على بابه وهو قطع الطمع عن الشيء والقنوط فيه؟ قال بعضهم: هو هنا على بابه، والمعنى: أفلم يَيْئَسِ الذين آمنوا من إيمان الكفار من قريش، وذلك أنَّهم لمَّا سألوا هذه الآيات طمعوا في إيمانهم، وطلبوا نزولَ هذه الآيات ليؤمِنَ الكفار، وعَلِم الله أنهم لا يؤمنون فقال: أفلم يَيْئَسوا من إيمانهم. ولكن فريقاً آخر من أهل التفسير ذهبوا إلى غير ذلك من معنى اليأس فقالوا: هو هنا بمعنى عَلِمَ وتبيَّن. قال القاسم بن معن - وهو من ثقات الكوفيين -: ((هي لغة هوازن)). وقال ابن الكلبي: ((هي لغة حَيّ من النخع)) ومنه قول سُحَيْم: