يستقرَّ لدى الكُتَّاب إلا بعد فترة من الزمن، فقد كانوا لا يجرؤون على استخدامه، ويُفَضِّلون عليه نَقْط أبي الأسود بحجة إتباع سُنَّة السلف، وكانوا يُسَمُّون طريقة الخليل بشكل الشعر (١)، والغاية من هذا الاحتراز صيانة القرآن الكريم من التبديل والتغيير.
وتُعَلِّل مصنفات رسم المصحف شكل هذه الحركات (٢)، فالحركات كما هو معلوم: فتحة وكسرة وضمة، فموضع الفتحة من الحرف أعلاه؛ لأنَّ الفتح مُسْتعل، وموضع الكسرة منه أسفله؛ لأنَّ الكسر مُسْتفل، وموضع الضمة منه وسطه أو أمامه؛ لأن الفتحة لمَّا حصلت في أعلاه، والكسرة في أسفله، لأجل استعلاء الفتح وتَسَفُّل الكسر بقي وسطه، فصار موضعاً للضمة.
ويشرح الإمام أبو عمرو الداني (٣) طريقة تنقيط التشديد. وثمة مذهبان، أحدهما: أن تجعل علامته أبداً فوق الحرف، وصورة التشديد على هذا المذهب شين. والثاني: أن تجعل علامة التشديد دالاً فوق الحرف المفتوح، وتحته إذا كان مكسوراً، وأمامه إذا كان مضموماً. فأما السكون، فأهل المدينة يجعلون علامته دارة صغيرة فوق الحرف، وآخرون يجعلون علامته خاء، يريدون بذلك أول كلمة خفيف، وبعض أهل العربية يجعل علامته
(٢) المحكم ٤٢.
(٣) المحكم ٤٩.