وهذا النقط يختلف عن نقط الإعجام المنسوب إلى نصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، فهذا النّقط يميز بين المعجم من الحروف والمهمل، مثل نقط الجيم والخاء، وإهمال الحاء.
وهذان - أيضاً - يختلفان عن الشّكل المنسوب إلى الخليل الذي أخذ نقط أبي الأسود، وحوّر فيه، ثمّ جاء الخالفون فنقّحوه، وهذا الشكل شاملٌ لجميع أحرف الكلمة في جميع أحوالها، سواء كانت متحركة، أم ساكنة، مخفَّفة أم مُشَدَّة، ولا داعي للحديث عنه هنا؛ لأن هذا المقام مقام إشارة (١). وما أريد حصر ما كتب في الرسم ممّا لعلماء العربيّة فيه أثر واضح.
ولا يمكنَ دارِسَ الرسم (الإملاء) في العربيّة أن يفصل ما بين الرسمين: رسم المصحف، والرسم المعتاد.
لو نظرْتَ فيما كتبه ابن قُتيبة في كتاب "أدب الكاتب" لوجدتَّ الربط بين الرسمين جليّاً واضحاً من خلال القواعد والاختيار، والأمثلة، حتى إنّك لتشعر أن الرسم القرآني هو الأصل من خلال أمثلته. قال: "تكتب الصلوة والزكوة والحيوة بالواو اتّباعاً للمصحف، ولا تكتب شيئاً من نظائرها إلاّ بالألف، مثل "قطاة" و"قناة" و"ملاة"" (٢). وقال: "وتكتب " لئلاّ " مهموزة وغير مهموزة بالياء؛ وكان القياسُ أن تكتب بالألف، ألا ترى أنّك تكتب
(٢) ابن قتيبة عبد الله بن مسلم، أدب الكاتب، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، ط الرابعة عام ١٣٨٢ هـ / القاهرة ص ٢٠١.