وتعمل به جوارحهم، فإنه روي أن تعليم الصغار لكتاب الله يطفئ غضب الرب، وأن تعليم الشيء في الصغر كالنقش في الحجر" (١).
لتعليم الصغار العلمَ ثواب، ولتعليمهم القرآن مضاعفة الثواب بقدر الحروف المقروءة منه، فقد روي عنه ﷺ قوله: " اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات، أما إني لا أقول (ألم) حرف، ولكن الألف حرف، واللام حرف، والميم حرف" (٢). وغير هذا من الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي فيها فضل العناية بالقرآن الكريم وقد ظلَّ هذا الحافز الأكبر للمسلمين في غابر الزمان، وحاضره، ومستقبله ليصبح الإنفاق على خدمة القرآن أعظم الأعمال أجراً، وتقرباً إلى المولى جل وعلا.
إن التاريخ الإسلامي يحتفظ بصفحات مشرقة من سخاء الخلفاء، والملوك، والسلاطين، وأثرياء المسلمين بما رصدوه من الأموال والعقارات على التعليم بعامة، وعلى تعليم القرآن ونشره بخاصة فـ "منه يتشعب علم الأولين والآخرين كما يتشعب عن سواحل البحر الأحمر أنهارها، وجبولها…" (٣).
فهو الأحق بالعناية والاهتمام، وأجدر أن يسخو الموسرون بأموالهم لتعليمه، ونشره بين المسلمين، خدمة له، وإذاعة لهديه وفضائله، ليستقيم أمر الأمة، ويعلو شأنها بين الأمم، هديه سبيل إسعادهم في الدنيا والآخرة، هم بهذا يحققون قول الله تعالى ﴿إنا نحن نَزَّلنا الذكر، وإنا له لحافظون﴾.
(٢) ابن عطية، أبو محمد عبد الحق، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، الطبعة الأولى، تحقيق المجلس العلمي، بفاس (المغرب: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سنة ١٣٩٥هـ/١٩٧٥م)، ج١، ص٧.
(٣) الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد، جواهر القرآن ودرره، الطبعة الأولى، (بيروت: درا الكتب العلمية (١٤٠٩هـ/١٩٨٨م)، ص١٠.