العلامة المحقق الأستاذ محمد صلاح الدين منجد تنويهاً بسخاء الواقفين على المدارس القرآنية بدمشق، وإشادة بمكرماتهم، وتجسيداً لعطائهم: "وقد وقف أولئك جميعاً على هذه المدارس المتعددة المختلفة أوقافاً وافرة من الأموال، والقرى، والضياع، والبساتين، والحوانيت، والخانات، والقاعات حتى أصبحت دمشق وأرباضها أوقافاً لهذه المدارس المبثوثة في كل حي من أحيائها، بل في كل درب من دروبها، فكانت هذه الأوقاف تدرُّ المال عليها، وترغب الطلاب في التعلم بها، والشيوخ في التعليم بها، لا يشغل بالهم أمر الدنيا، وطلب المعاش" (١).
(١) دور القرآن في دمشق، الطبعة الثالثة، (بيروت دار الكتاب الجديد، سنة ١٩٨٢)، ص٦.
ثانياً: الوقف على القراء:
مكة المكرمة مهبط الوحي، جديرة بأن تهتم معاهدها ومؤسساتها بالقرآن ودارسيه، لم يفت الخلفاء، والملوك، والسلاطين هذا المعنى، فكانوا يتسابقون إلى بناء المدارس القرآنية وغيرها، وتشجيع القائمين عليها من القراء، والمعلمين، والفقهاء، وفي العهد القريب لمس المسلمون "مزيد اهتمام الخلفاء العثمانيين، وكثرة القيام بخدمة الحرمين الشريفين، والبلدين المنيفين، والاعتناء بمصالحهما، وما يتعلق بهما، ويتعبدون بذكرهما، ويبجلون أهلهما" (١) وقد سجل التاريخ لهم من هذا مكرمات رفيعة. كان هذا شأن من قبلهم ومن
(١) الحموي، أحمد بن محمد، فضائل سلاطين بني عثمان، الطبعة الأولى، تحقيق محسن محمد حسن سليم، (مصر: دار الكتاب الجامعي) عام ١٤١٣/١٩٩٣) ص١٢٦.