تركز الدراسة هنا على جانب خاص هو خدمة الأوقاف للقرآن الكريم، وهو موضوع جدير بالدراسة، فقد كان تجربة ناجحة ورفيعة في تاريخ الأمة الإسلامية، ومن الصعب، بل من المستحيل الإحاطة الشاملة بهذا الموضوع عبر القرون في البلاد الإسلامية المترامية الأطراف؛ ذلك أن الاهتمام بالقرآن الكريم هو ما دأبت عليه الأمة الإسلامية حتى في أقصى الظروف وأحلكها، فمن ثمّ يكتفي البحث بتقديم نماذج منها، بقدر ما يوضح الصورة. وقد أدى الوقف خلال القرون الطويلة نتائج فاعلة في الحفاظ على القرآن، وتخريج أجيال من القراء والحفاظ، والمفسرين في شرق بلاد الإسلام وغربها، في جميع القرون منذ بدء عصر النبوة المبارك.
وإذا كان للماضي تجاربه الناجحة في هذا المجال فمن الواجب إنصاف الحاضر الذي لم يفتقد مَنْ يعمل على هدى وبصيرة من العلماء والمخلصين من أبناء الأمة الإسلامية في النهوض بتعليم القرآن وحفظه في شتى بقاع العالم الإسلامي على مستوى العصر إدارةً، وتنظيماً، وتخطيطاً، فمن ثمّ تخيَّر البحث من بين النماذج للعصر الحاضر الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمكة المكرمة.


الصفحة التالية
Icon