فَلَا يُنْكِحُهَا حبًّا لمالها، ويضربها وَيُسِيءُ صُحْبَتَهَا، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ يَقُولُ: مَا أَحْلَلْتُ لَكُمْ وَدَعْ هَذِهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي
أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ.
(١) - وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ: كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ عَنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَيَتَرَخَّصُونَ فِي النِّسَاءِ، وَيَتَزَوَّجُونَ مَا شَاءُوا، فَرُبَّمَا عَدَلُوا وَرُبَّمَا لَمْ يَعْدِلُوا، فَلَمَّا سَأَلُوا عن اليتامى، فنزلت آيَةُ الْيَتَامَى: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ﴾ الْآيَةَ، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَيْضًا: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ الْآيَةَ. يَقُولُ: كما خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى، فَكَذَلِكَ فَخَافُوا فِي النِّسَاءِ أَنْ لَا تَعْدِلُوا فيهن، فلا تزوجوا أَكْثَرَ مِمَّا يُمْكِنُكُمُ الْقِيَامُ بِحَقِّهِنَّ، لِأَنَّ النِّسَاءَ كَالْيَتَامَى فِي الضَّعْفِ وَالْعَجْزِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ الْوَالِبِيِّ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى﴾ الْآيَةَ ﴿٦﴾.
نَزَلَتْ فِي ثَابِتِ بْنِ رِفَاعَةَ وَفِي عَمِّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ رِفَاعَةَ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ ابْنَهُ ثَابِتًا وَهُوَ صَغِيرٌ، فَأَتَى عَمُّ ثَابِتٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ أَخِي يَتِيمٌ فِي حِجْرِي، فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْ مَالِهِ، وَمَتَى أَدْفَعُ إِلَيْهِ مَالَهُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
(٢) - قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ﴾ الْآيَةَ ﴿٧﴾.
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنَّ أَوْسَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ امْرَأَةً يُقَالُ
_________
(١) - أخرج رواية ابن عباس: ابن جرير (٤/١٥٧) وابن أبي حاتم (فتح القدير: ١/٤٢٣) وإسنادها صحيح. وأخرج أثر سعيد بن جبير: ابن جرير (٤/١٥٦، ١٥٧) وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم (فتح القدير: ١/٤٢٣) عنه بنحوه، وإسناد ابن جرير صحيح. وأخرج أثر قتادة: ابن جرير (٤/١٥٦) بإسناد صحيح.
(٢) - أخرج هذا الأثر ابن جرير (٤/١٧٦) وابن المنذر وابن أبي حاتم (فتح القدير: ١/٤٢٩) من طريق ابن جريج عن عكرمة به مختصرًا مرسلاً وإسناده ضعيف بسبب عنعنه ابن جريج وهو مدلس، وفي إسناد ابن جرير الحسين الْمِصِّيصِيّ وهو ضعيف، ويشهد له: * ما أخرجه ابن مردويه (تفسير ابن كثير: ١/٤٥٤) عن جابر نحوه مختصرًا وضعفه الحافظ ابن كثير (المصدر السابق).


الصفحة التالية
Icon