مَا كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنِ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ، وَكَانَ النَّضْرُ كَثِيرَ الْحَدِيثِ عَنِ الْقُرُونِ الْأُولَى، وَكَانَ يُحَدِّثُ قُرَيْشًا فَيَسْتَمْلِحُونَ حَدِيثَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
(١) - قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾ ﴿٢٦﴾.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا علي بن حمشاد قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْدَهْ الْأَصْفَهَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾ قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَنْهَى الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَتَبَاعَدُ عَمَّا جَاءَ بِهِ.
(٢) - وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمَرَةَ. قَالَ مُقَاتِلٌ: وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ عِنْدَ أَبِي طَالِبٍ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ إِلَى أَبِي طَالِبٍ يُرِيدُونَ سُوءًا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ:

وَاللَّهِ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بِجَمْعِهِمْ حَتَّى أُوَسَّدَ فِي التُّرَابِ دَفِينَا
فَاصْدَعْ بِأَمْرِكَ مَا عَلَيْكَ غَضَاضَةٌ وَأَبْشِرْ وَقَرَّ بِذَاكَ مِنْكَ عُيُونَا
وَعَرَضْتَ دِينًا لَا مَحَالَةَ أَنَّهُ مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ الْبَرِيَّةِ دِينَا
لَوْلَا الْمَلَامَةُ أَوْ حِذَارِي سَبَّةً لَوَجَدْتَنِي سَمْحًا بِذَاكَ مَتِينَا
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ الْآيَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ فِي كُفَّارِ مَكَّةَ كَانُوا يَنْهَوْنَ النَّاسَ عَنِ اتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَتَبَاعَدُونَ بِأَنْفُسِهِمْ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ الْوَالِبِيِّ.
_________
(١) ١ - أخرجه ابن جرير (٧/١١٠) والحاكم (المستدرك: ٢/٣١٥) والطبراني (المعجم الكبير: ١٢/١٣٣ - ح: ١٢٦٨٢) وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه (فتح القدير: ٢/١١٠) والبيهقي في "الدلائل" (٢/٣٤١) من طريق حبيب بن أبي ثابت به، وإسناده صحيح.
(٢) ٢ - أما قول عطاء فأخرجه ابن جرير (٧/١١٠) عنه به، وإسناده صحيح. وأما قول القاسم فأخرجه ابن جرير (٧/١١٠) وابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ (فتح القدير: ٢/١١٠) عنه به، وإسناده صحيح.


الصفحة التالية
Icon