عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: هُوَ بَلْعَمُ بْنُ بَاعُورَا. وَقَالَ الْوَالِبِيُّ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ
مَدِينَةِ الْجَبَّارِينَ يُقَالُ لَهُ بَلْعَمُ، وَكَانَ يَعْلَمُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَاهُ بَنُو عَمِّهِ وَقَوْمُهُ وَقَالُوا: إِنَّ مُوسَى رَجُلٌ حَدِيدٌ، وَمَعَهُ جُنُودٌ كَثِيرَةٌ. وَإِنَّهُ إِنْ يَظْهَرْ عَلَيْنَا يُهْلِكْنَا، فَادْعُ اللَّهَ يَرُدَّ عَنَّا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ، قَالَ: إِنِّي إِنْ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ذَهَبَتْ دُنْيَايَ وَآخِرَتِي، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ، حَتَّى دَعَا عَلَيْهِمْ، فَسَلَخَهُ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَانْسَلَخَ مِنْهَا﴾
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: نَزَلَتْ فِي أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ، وَكَانَ قَدْ قَرَأَ الْكُتُبَ وَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ مُرْسِلٌ رَسُولًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَرَجَا أَنْ يَكُونَ هُوَ ذَلِكَ الرَّسُولَ، فَلَمَّا أَرْسَلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَسَدَهُ وَكَفَرَ بِهِ.
(١) - وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ أُعْطِيَ ثَلَاثَ دَعَوَاتٍ يُسْتَجَابُ لَهُ فِيهَا وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا الْبَسُوسُ، وَكَانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ وَكَانَتْ لَهُ محبة، فقالت: اجعلت لِي مِنْهَا دَعْوَةً وَاحِدَةً، قَالَ: لَكِ وَاحِدَةٌ فَمَاذَا تَأْمُرِينَ، قَالَتْ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي أَجْمَلَ امْرَأَةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا عَلِمَتْ أَنْ لَيْسَ فِيهِمْ مِثْلُهَا، رَغِبَتْ عَنْهُ وَأَرَادَتْ شَيْئًا آخَرَ، فَدَعَا اللَّهَ عَلَيْهَا أَنْ يَجْعَلَهَا كَلْبَةً نَبَّاحَةً فَذَهَبَتْ فِيهَا دَعْوَتَانِ، وَجَاءَ بَنُوهَا فَقَالُوا: لَيْسَ لَنَا عَلَى هَذَا قَرَارٌ، قَدْ صَارَتْ أُمُّنَا كَلْبَةً نَبَّاحَةً يُعَيِّرُنَا بِهَا النَّاسُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّهَا إِلَى الْحَالِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فَدَعَا اللَّهَ فَعَادَتْ كما كانت، وذهب الدَّعَوَاتُ الثَّلَاثُ وَهِيَ الْبَسُوسُ، وَبِهَا يُضْرَبُ الْمَثَلُ فِي الشُّؤْمِ فَيُقَالُ: أَشْأَمُ مِنَ الْبَسُوسِ.
_________
(١) - أخرجه ابن أبي حاتم (تفسير ابن كثير: ٢/٢٦٥) وأبو الشيخ (فتح القدير: ٢/٢٦٦) من طريق ابن أبي نمر عن سفيان عن أبي سعيد الأعور عن عكرمة عن ابن عباس بنحوه.
قال الحافظ ابن كثير "غريب" وهو كما قال.