فَجَاءُوهُ بِقَوْسٍ كَبْدَاءَ، فَرَمَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْحِصْنِ، فَأَقْبَلَ السَّهْمُ يَهْوِي حَتَّى قَتَلَ كِنَانَةَ بْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾
وَأَكْثَرُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي رَمْيِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْقَبْضَةَ مِنْ حَصْبَاءِ الْوَادِي يَوْمَ "بَدْرٍ" حِينَ قَالَ لِلْمُشْرِكِينَ: شَاهَتِ الْوُجُوهُ وَرَمَاهُمْ بِتِلْكَ القبضة، فلم يبق عَيْنُ مُشْرِكٍ إِلَّا دَخَلَهَا مِنْهُ شَيْءٌ.
(١) - قَالَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ "بَدْرٍ" سَمِعْنَا صَوْتًا وَقَعَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ كَأَنَّهُ صَوْتُ حَصَاةٍ وَقَعَتْ فِي طَسْتٍ، وَرَمَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِلْكَ الْحَصَاةَ فَانْهَزَمْنَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾
(٢) - قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ﴾ ﴿١٩﴾.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ التَّاجِرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ قَالَ: كَانَ الْمُسْتَفْتِحُ أَبَا جَهْلٍ، وَإِنَّهُ قَالَ حِينَ الْتَقَى بِالْقَوْمِ: اللَّهُمَّ أَيُّنَا كَانَ أَقْطَعَ لِلرَّحِمِ وَأَتَانَا بِمَا لَمْ نَعْرِفْ فَأَحِنْهُ الْغَدَاةَ، وَكَانَ ذَلِكَ اسْتِفْتَاحَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ: ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ﴾ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ رَوَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو
_________
(١) - أخرجه الطبراني (المعجم الكبير: ٣/٢٢٧ - ح: ٣١٢٨) وابن أبي حاتم وابن مردويه (فتح القدير: ٢/٢٩٦) عن حكيم به، وحسنه الهيثمي (مجمع الزوائد: ٦/٨٤).
(٢) - أخرجه الحاكم (المستدرك: ٢/٣٢٨) وابن جرير (٩/١٣٨) وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه وابن منده (فتح القدير: ٢/٢٩٧) والبيهقي في "الدلائل" (٣/٧٤) من طريق ابن شهاب به، وإسناده صحيح، لكن اختلف في صحبة عبد الله بن ثعلبة (راجع: الإصابة ٢/٢٨٥ - رقم: ٤٥٧٦، تهذيب التهذيب: ٥/١٦٥ - رقم: ٢٨٤).