فَنَاجَاهُ طَوِيلًا ثُمَّ ارْتَفَعَ نَحِيبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاكِيًا، فَبَكَيْنَا لِبُكَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ إِنَّهُ أَقْبَلَ إِلَيْنَا فَتَلَقَّاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الَّذِي أَبْكَاكَ؟ فَقَدْ أَبْكَانَا وَأَفْزَعَنَا! فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْنَا فَقَالَ: "أَفْزَعَكُمْ بُكَائِي؟ " فَقُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: "إِنَّ الْقَبْرَ الَّذِي رَأَيْتُمُونِي أُنَاجِي فِيهِ قَبْرُ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، وَإِنِّي اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي زِيَارَتِهَا فَأَذِنَ لِي فِيهِ وَاسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي الِاسْتِغْفَارِ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لِي فِيهِ"، وَنَزَلَ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ حَتَّى خَتَمَ الْآيَةَ ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ﴾ "فَأَخَذَنِي مَا يَأْخُذُ الْوَلَدَ لِلْوَالِدَةِ مِنَ الرِّقَّةِ، فَذَلِكَ الَّذِي أَبْكَانِي".
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ ﴿١٢٢﴾.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عُيُوبَ الْمُنَافِقِينَ لِتَخَلُّفِهِمْ عَنِ الْجِهَادِ قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: وَاللَّهِ لَا نَتَخَلَّفُ عَنْ غَزْوَةٍ يَغْزُوهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا سَرِيَّةٍ أَبَدًا، فَلَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسَّرَايَا إِلَى الْعَدُوِّ نَفَرَ الْمُسْلِمُونَ جَمِيعًا وَتَرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحْدَهُ بِالْمَدِينَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.


الصفحة التالية
Icon