فَالْأَبْكَمُ مِنْهُمَا الْكَلُّ عَلَى مَوْلَاهُ هُوَ أُسَيْدُ بْنُ أَبِي الْعِيصِ، وَالَّذِي يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ الْآيَةَ ﴿٩٠﴾.
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ عَبْدَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِفِنَاءِ بَيْتِهِ بِمَكَّةَ جَالِسًا، إِذْ مَرَّ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَكَشَّرَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ: "أَلَا تَجْلِسُ" فَقَالَ: بَلَى، فَجَلَسَ إِلَيْهِ مُسْتَقْبِلَهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُهُ إِذْ شَخَصَ بَصَرُهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَنَظَرَ سَاعَةً وَأَخَذَ يَضَعُ بَصَرَهُ [حَتَّى وَضَعَ عَلَى يَمِينِهِ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ تَحَرَّفَ عَنْ جَلِيسِهِ عُثْمَانَ إِلَى حَيْثُ وَضَعَ بَصَرَهُ] فَأَخَذَ يُنْغِضُ رَأْسَهُ كَأَنَّهُ يَسْتَفْقِهُ مَا يُقَالُ لَهُ، ثُمَّ شَخَصَ بَصَرُهُ إِلَى السَّمَاءِ كَمَا شَخَصَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَأَتْبَعَهُ بَصَرَهُ حَتَّى تَوَارَى فِي السَّمَاءِ، وَأَقْبَلَ عَلَى عُثْمَانَ كَجِلْسَتِهِ الْأُولَى، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ فِيمَا كُنْتُ أُجَالِسُكَ وَآتِيكَ مَا رَأَيْتُكَ تَفْعَلُ فَعْلَتَكَ الْغَدَاةَ، قَالَ: "مَا رَأَيْتَنِي فَعَلْتُ؟ " قَالَ: رَأَيْتُكَ شَخَصَ بَصَرُكَ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ وَضَعْتَهُ حِينَ وَضَعْتَهُ عَلَى يَمِينِكَ، فَتَحَرَّفْتَ إِلَيْهِ وَتَرَكْتَنِي، فَأَخَذْتَ تُنْغِضُ رَأْسَكَ كَأَنَّكَ تَسْتَفْقِهُ شَيْئًا يُقَالُ لَكَ، قَالَ: "أَوَ فَطِنْتَ إِلَى ذَلِكَ؟ " قَالَ عُثْمَانُ: نَعَمْ، قَالَ: "أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ آنِفًا وَأَنْتَ جَالِسٌ" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: فَمَاذَا قَالَ لَكَ؟ قَالَ: "قَالَ لِي: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ " قَالَ عُثْمَانُ: فَذَاكَ حِينَ اسْتَقَرَّ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِي وَأَحْبَبْتُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ﴾ ﴿١٠١، ١٠٢﴾.
نَزَلَتْ حِينَ قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إن محمدًا عليه الصلاة والسلام سخر بِأَصْحَابِهِ يَأْمُرُهُمُ الْيَوْمَ بِأَمْرٍ وَيَنْهَاهُمْ عَنْهُ غَدًا، أَوْ يَأْتِيهِمْ بِمَا هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِمْ، وَمَا هُوَ إِلَّا مُفْتَرٍ يَقُولُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ وَالَّتِي بَعْدَهَا.