الْعِزَّةِ يُقْرِئُكَ السلام" - ومعه سقط مِنْ نُورٍ يَتَلَأْلَأُ - "وَيَقُولُ لك ربك: هذا مَفَاتِيحُ خَزَائِنِ الدُّنْيَا مَعَ مَا لَا يَنْتَقِصُ لَكَ مِمَّا عِنْدِي فِي الْآخِرَةِ مِثْلَ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ" فَنَظَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَالْمُسْتَشِيرِ لَهُ، فَضَرَبَ جِبْرِيلُ بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ فَقَالَ: "تَوَاضَعْ لِلَّهِ"، فَقَالَ: "يَا رِضْوَانُ لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا، الْفَقْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَأَنْ أَكُونَ عَبْدًا صَابِرًا شَكُورًا"، فَقَالَ رِضْوَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أَصَبْتَ أَصَابَ اللَّهُ بِكَ"، وَجَاءَ نِدَاءٌ مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَأْسَهُ، فَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدْ فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا إِلَى الْعَرْشِ، وَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى جَنَّةِ عَدْنٍ أَنْ تُدَلِّيَ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِهَا عَلَيْهِ عِذْقٌ عَلَيْهِ غُرْفَةٌ مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ بَابٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ بَصَرَكَ"، فَرَفَعَ فَرَأَى مَنَازِلَ الْأَنْبِيَاءِ وَغُرَفَهُمْ، فَإِذَا مَنَازِلُهُ فَوْقَ مَنَازِلِ الْأَنْبِيَاءِ فَضْلًا لَهُ خَاصَّةً، وَمُنَادٍ يُنَادِي: "أَرَضِيتَ يَا مُحَمَّدُ؟ " فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "رَضِيتُ، فَاجْعَلْ مَا أَرَدْتَ أَنْ تُعْطِيَنِي فِي الدُّنْيَا ذَخِيرَةً عِنْدَكَ فِي الشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". وَيُرْوَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أَنْزَلَهَا رِضْوَانُ: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا﴾
(١) - قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ﴾ الْآيَةَ ﴿٢٧﴾.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ: كَانَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ يَحْضُرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُجَالِسُهُ وَيَسْتَمِعُ إِلَى كَلَامِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ، فَزَجَرَهُ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ عَنْ ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: وَكَانَ عُقْبَةُ خَلِيلًا لِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، فَأَسْلَمَ عُقْبَةُ، فَقَالَ أُمَيَّةُ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ تابعت محمدًا عليه الصلاة والسلام، وَكَفَرَ وَارْتَدَّ لِرِضَا أُمَيَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
_________
(١) - عطاء ضعيف.