والمراد به قراءة القرآن بعينها دون الصلاة أي دراسة القرآن ليحصل الأمن من النسيان١، وتحقيقا لقوله تعالى: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ... ﴾ ٢.
أي: هذا القرآن آيات بينة واضحة في الدلالة على الحق أمرا ونهيا وخبرا، يحفظه العلماء، يسره الله عليهم حفظا وتلاوة وتفسيرا٣.
وإذا كان الفقهاء قد قرروا الحكم الشرعي لحفظ القرآن على نحو ما سلف إلا أن حفظ القرآن اليوم ألزم، وذلك لما نلحظه في عصرنا من انصراف الهمم على حفظ القرآن المجيد، قال الرافعي "المتوفى سنة ١٩٣٧م" في كلمة بليغة يصف حال شباب اليوم: "نحن نأسف أشد الأسف وأبلغه بل أحراه أن يكون هما يعتلج في الصدر ويستوقد في الضلوع إذ نرى نشء هذه الأيام قد انصرفوا عن جمع القرآن واستيعابه وأحكامه قراءة وتجويدا، فلا يحفظون منه ـ إن حفظوا ـ إلا أجزاء قليلة على أنهم ينسونها بعد ذلك، ثم يشب أحدهم كما يشب قرن الماعز نبت على سواء ولا يثبت إلا

١ تفسير الرازي١٥/١٨٧.
٢ سورة العنكبوت، الآية: ٤٩.
٣ تفسير ابن كثير٣/٤١٧.


الصفحة التالية
Icon