القرآن
مدخل
...
القرآن:
من فضل الله على الإنسان أنه لم يتركه في الحياة يستهدي بما أودعه الله فيه من فطرة سليمة، تقوده إلى الخير، وترشده إلى البر فحسب، بل بعث إليه بين فترة وأخرى رسولًا يحمل من الله كتابًا يدعوه إلى عبادة الله وحده، ويبشر وينذر، لتقوم عليه الحجة: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ ١.
وظلت الإنسانية -في تطورها ورقيها الفكري- والوحي يعاودها بما يناسبها ويحل مشكلاتها الوقتية في نطاق قوم كل رسول، حتى اكتمل نضجها، وأراد الله لرسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- أن تشرق على الوجود، فبعثه على فترة من الرسل. ليكمل صرح إخوانه الرسل السابقين بشريعته العامة الخالدة، وكتابه المنزَّل عليه، وهو القرآن الكريم... "مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون منه، ويقولون: لولا هذه اللبنة، فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين" ٢.
فالقرآن رسالة الله إلى الإنسانية كافة وقد تواترت النصوص الدالة على ذلك في الكتاب والسٌّنَّة: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ ٣.. ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ ٤، "وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة" ٥، ولن يأتي بعده رسالة أخرى ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ ٦.
٢ متفق عليه.
٣ الأعراف: ١٥٨.
٤ الفرقان: ١.
٥ في الصحيحين من حديث: "أُعطِيتُ خمسًا لم يُعْطَهُنَّ أحد قبلي".
٦ الأحزاب: ٤٠.