شُبَه مردودة:
هناك شُبَه يثيرها أهل الأهواء لتوهين الثقة بالقرآن، والتشكيك في دقة جمعه، ونحن نورد أهمها ونرد عليها:
١- قالوا: إن الآثار قد دلت على أن القرآن قد سقط منه شيء لم يُكتب في المصاحف التي بأيدينا اليوم:
أ- عن عائشة قالت: سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلًا يقرأ في المسجد فقال: "يرحمه الله، لقد أذكرني كذا وكذا آية من سورة كذا"، وفي رواية: "أسقطتهن من آية كذا وكذا"، وفي رواية: "كنت أنسيتها" ١.
ويجاب عن هذا بأن تذكير الرسول -صلى الله عليه وسلم- بآية أو آيات قد أنسيها أو أسقطها نسيانًا لا يشكك في جمع القرآن، فإن الرواية التي جاء فيها التعبير بالإسقاط تفسرها الرواية الأخرى: "كنت أنسيتها" وهذا يدل على أن المراد بإسقاطها نسيانها، كما يدل عليه لفظ "أذكرني" والنسيان جائز على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما لا يخل بالتبليغ، وكانت هذه الآيات قد حفظها رسول الله، واستكتبها كتاب الوحي، وحفظها الصحابة في صدورهم، وبلغ حفظها وكتابتها مبلغ التواتر، فنسيان الرسول –صلى الله عليه وسلم- لها بعد ذلك لا يؤثر في دقة جمع القرآن، وهذا هو غاية ما يدل عليه الحديث. ولذا كانت قراءة هذا الرجل -وهو أحد الحفظة الذين يبلغ عددهم حد التواتر- مذكرة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: "لقد أذكرني كذا وكذا آية".
ب- وقال تعالى في سورة الأعلى: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ ٢، والاستثناء يدل على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُنْسِي بعض الآيات.
٢ الأعلى: ٦، ٧.