ولو قال قائل في النكرة المنفية "لا رجل في الدار" فإنه يعد كاذبًا إذا قدر أنه رأى رجلًا ما، كما ورد قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى﴾ ١. تكذيبًا لما قال: ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ﴾ ٢، وهذا يدل على أن النكرة بعد النفي للعموم، ولو لم تكن للعموم لما كان قولنا: "لا إله إلا الله" توحيدًا لعدم دلالته على نفي كل إله سوى الله تعالى"٣.
وبناء على هذا فللعموم صيغة التي تدل عليه.
منها "كل" كقوله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ ٤، وقوله: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ ٥، ومثلها "جميع".
ومنها: المعرف بـ "ال" التي ليست للعهد كقوله: ﴿وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ ٦، أي كل إنسان، بدليل قوله بعد: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ٧.
وقوله: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ ٨.
وقوله: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ ٩.
ومنها: النكرة في سياق النفي والنهي كقوله: ﴿فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ ١٠.
وقوله: ﴿فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَ﴾ ١١.
أو في سياق الشرط كقوله: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ ١٢.
٢ الأنعام: ٩١.
٣ أغفلنا آراء الآخرين فلم نذكرها حيث لا نرى حاجة إليها.
٤ آل عمران: ١٨٥.
٥ الرعد: ١٦، الزمر: ٦٢.
٦ العصر: ١، ٢.
٧ العصر: ٣.
٨ البقرة: ٢٧٥.
٩ المائدة: ٣٨.
١٠ البقرة: ١٩٧.
١١ الإسراء: ٢٣.
١٢ التوبة: ٦.