ولذلك ذهب العلماء في كيفية وحي الله إلى جبريل بالقرآن إلى المذاهب الآتية:
أ- أن جبريل تلقفه سماعًا من الله بلفظه المخصوص.
ب- أن جبريل حفظه من اللَّوح المحفوظ.
جـ- أن جبريل أُلقي إليه المعنى - والألفاظ لجبريل، أو لمحمد، صلى الله عليه وسلم.
والرأي الأول هو الصواب، وهو ما عليه أهل السٌّنَّة والجماعة، ويؤيده حديث النوَّاس بن سمعان السابق.
ونسبة القرآن إلى الله في أكثر من آية: ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾ ١..
﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ ٢.. ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ ٣.
فالقرآن الكريم كلام الله بألفاظه لا كلام جبريل أو محمد.
أما الرأي الثاني فلا اعتبار له، إذ إن ثبوت القرآن في اللَّّوح المحفوظ كثبوت سائر المغيبات التي لا يخرج القرآن عن أن يكون من جملتها.
والرأي الثالث أنسب بالسٌّنَّة لأنها وحي من الله أُوحي إلى جبريل، ثم إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- بالمعنى، فعبَّر عنه رسول الله بعبارته: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ ٤.. ولذا جازت رواية السٌّنَّة بالمعنى لعارف بما لا يحيل المعاني دون القرآن..

١ النمل: ٦.
٢ التوبة: ٦.
٣ يونس: ١٥.
٤ النجم: ٣، ٤.


الصفحة التالية
Icon