والحديث النبوي قسمان: الأول: ما اجتهد فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهذا ليس وحيًا ويكون إقرار الوحي له بسكوته إذا كان صوابًا.
والثاني: ما أُوحِيَ إليه بمعناه واللَّفظ لرسول الله، ولذا يجوز روايته بالمعنى. والحديث القدسي -على القول الراجح بنزول معناه دون لفظه- يكون من هذا القسم ونسبته إلى الله في الرواية لورود النص الشرعي على ذلك دون الأحاديث النبوية.
كيفية وحي اللله إلى رسله
...
كيفية وحي الله إلى رسله
يوحي الله إلى رسله بواسطة وبغير واسطة.
فالأول: بواسطة جبريل مَلك الوحي وسيأتي بيانه.
والثاني: هو الذي لا واسطة فيه.
أ- منه الرؤيا الصالحة في المنام: فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "أول ما بُدِئَ به -صلى الله عليه وسلم- الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح"١. وكان ذلك تهيئة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ينزل عليه الوحي يقظة وليس في القرآن شيء من هذا النوع لأنه نزل جميعه يقظة، خلافًا لمن ادَّعى نزول سورة "الكوثر" منامًا للحديث الوارد فيها، ففي صحيح مسلم عن أنس، رضي الله عنه: "بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم بين أظهرنا في المسجد إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسمًا فقلت: ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: "نزلت عليَّ آنفًا سورة"، فقرأ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ ٢.. فلعل الإغفاء هذه هي الحالة التي كانت تعتريه عند الوحي.
٢ سورة الكوثر.