كما ثبت التكلم على الأصح لرسولنا -صلى الله عليه وسلم- ليلة الإسراء والمعراج.
وهذا النوع هو القسم الثاني المذكور في الآية: ﴿أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ وليس في القرآن شيء منه كذلك.
كيفية وحي المَلَكِ إلى الرسول:
وحي الله إلى أنبيائه إما أن يكون بغير واسطة، وهو ما ذكرناه آنفًا. وكان منه الرؤيا الصالحة في المنام، والكلام الإلهي من وراء حجاب يقظة، وإما أن يكون بواسطة مَلَك الوحي وهو الذي يعنينا في هذا الموضوع لأن القرآن الكريم نزل به.
ولا تخلو كيفية وحي المَلَكِ إلى الرسول من إحدى حالتين:
الحالة الأولى: وهي أشد على الرسول، أن يأتيه مثل صلصلة الجرس، والصوت القوي يثير عوامل الانتباه فتُهَيَّأ النفس بكل قواها لقبول أثره، فإذا نزل الوحي بهذه الصورة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- نزل عليه وهو مستجمع القوى الإدراكية لتلقيه وحفظه وفهمه، وقد يكون هذا الصوت حفيف أجنحة الملائكة المشار إليه في الحديث: "إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله كالسلسلة على صفوان" ١ وقد يكون صوت المَلَكِ نفسه في أول سماع الرسول له.
والحالة الثانية: أن يتمثل له المَلَكُ رجلًا ويأتيه في صورة بشر، وهذه الحالة أخف من سابقتها، حيث يكون التناسب بين المتكلم والسامع، ويأنس رسول النبوَّة عند سماعه من رسول الوحي، ويطمئن إليه اطمئنان الإنسان لأخيه الإنسان.
والهيئة التي يظهر فيها جبريل بصورة رجل لا يتحتم فيها أن يتجرد من

١ رواه البخاري.


الصفحة التالية
Icon