والمعنى والإحسان إليهم فعل ما فعل: إن الله سميع لدعائهم عليم بأحوالهم. وقوله: ﴿ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ﴾ ١: هذه بشارة أخرى أعلمهم سبحانه أنه يضعف كيد الكافرين فيما يستقبل، وأن معطوف على ذلكم، يعني أن الغرض إبلاء هؤلاء، وتوهين كيد هؤلاء.
وقوله: ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ٢ وذلك أن أبا جهل قال: اللهم أقطعنا للرحم وأتانا بما لا يعرف، فأحنه الغداة ٣؛ فكان هو المستفتح على نفسه. ﴿وَإِنْ تَنْتَهُوا﴾ أي: عن الكفر ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ في الدنيا والآخرة، ﴿وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ﴾ أي: إن عدتم إلى الكفر عدنا لكم بمثل هذه الوقعة. ﴿وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ﴾ ٤ لأن الله لا غالب له، ﴿وأن الله مع المؤمنين﴾ أي كائن ذلك لأن الله معهم.
وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَإِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُون َوَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ ٥ أي تتركوا طاعته ﴿وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ﴾ أي: علمتم ما دعاكم إليه ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا﴾ ٦ الآية، قال ابن إسحاق ٧: "هم المنافقون، يظهرون أنهم سمعوا
٢ سورة الأنفال آية: ١٩.
٣ زاد المعاد: ١٢/٨٩، سيرة ابن هشام: ٢/٣١٢.
٤ سورة الأنفال آية: ١٩.
٥ سورة الأنفال آية: ٢٠-٢١-٢٢.
٦ سورة الأنفال آية: ٢١.
٧ ابن كثير: ٢/٢٩٧.