وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ١: يقول تعالى: إذا خفت من قوم خيانة فانبذ إليهم، فإن حاربوا فقاتلهم، فإن جنحوا للسلم أي المصالحة فاجنح لها أي مل إليها. وقوله: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ أي: صالح مع التوكل؛ فإن الله ناصرك، ولو أرادوا بالصلح خديعة ليستعدوا. ثم ذكر نعمته عليه بالمهاجرين والأنصار، وتأليفه بين قلوبهم. وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ أي: منيع الجانب لا يخيب من توكل عليه، حكيم في أفعاله يضع الأشياء مواضعها. وقال ابن مسعود في الآية: ٢ "نزلت في المتحابين في الله" قال ابن عباس٣: "إن الرحم لتقطع، وإن النعمة لتكفر، وإن الله إذا قارب بين القلوب لم يزحزحها شيء" قال الأوزاعي٤ حدثني عبدة بن أبي لبابة عن مجاهد ولقيته فأخذ بيدي فقال: "إذا التقى المتحابان بالله فأخذ أحدهما بيدي صاحبه وضحك إليه تحاتت خطاياهما كما تحات ورق الشجر، قال عبدة فقلت له: إن هذا ليسير. فقال: لا تقل ذلك فإن الله يقول: ﴿لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ﴾ الآية. فعرفت أنه أفقه مني" وقال ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: ٥ "كنا نتحدث أن أول ما يرفع من الناس الألفة".
وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ ٦
٢ ابن كثير: ٢/٣٢٣.
٣ نفس المصدر والجزء والصفحة.
٤ ابن جرير ١٠/٣٧ وابن كثير ٢/٣٢٣.
٥ المصدران السابقان.
٦ سورة الأنفال آية: ٦٤-٦٥.