﴿ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ الآية:
أَمر اللهُ عبادَه في هذه الآية أن لا يحنثوا في يمين أَكَّدوها بالْحَلْف، وكان هذا قبلَ نزول الكفَّارة في المائدة في اليمين، وقبلَ نزول قوله:﴿ولاَ يَأْتَلِ أُولُوا الفَضْلِ مِنكُمْ﴾ - الآية - في حَلْفِ أَبي بكر - رضي الله عنه -أَلاَّ يُنيلَ مسطحاً شيئاً أبداً لما نالَ (من) عائشةَ - رضي الله عنها - في أمرالإِفك.
فنسخَ اللهُ (ذلك و) منع نقضَ الأَيْمان بالكفَّارة المذكورة في المائدة، (وبما) أَمَر به أَبا بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه في قوله: ﴿ولاَيأْتَلِ أُولُوا الفَضْلِ مِنكُمْ﴾ [النور: ٢٢]، وبقوله: ﴿وَلاَ تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لأَِيْمَانِكُمْأَن تَبَرُّوا﴾ [البقرة: ٢٢٤] - الآية -، والنَّحْل مَكِّيَة، والمائدة والبقرة والنور مدنيات، فَحَسُنَ نَسْخُ المدني للمَكِّي.
وكان أبو بكر إذا حلف أَحبَّ أَلاَّ يحنث، فَحَنَث أَبو بكرٍ وكفَّر (عنيمينه) وَرَجَعَ إلى مسطح ما كان يُعْطيه، وقال: لا أقطعه عنه أبداً.
فذلك كُلُّه ناسخٌ لقوله: ﴿وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ﴾، لأن الكفارة عن اليمينهي نقضُ اليمين وارتكابُ ما حَلَف عليه وأَكَّد، نَسَخَ ذلك أَيضاً قولُه - صلى الله عليه وسلم - "مَن حَلَف على يمين فرأى (غيرَها) خيراً منها فليأتِ الذي هو خير منها، وليُكَفِّرْ عن يمينه" - وهو حديث صحيح قد تواترت بهالأخبار بمعنى (واحد) وإن اختلفت الألفاظ -.
وقيل: إن الآيةَ محكمةٌ غيرُ منسوخة يُراد بها العهود والحِلْف التيكانت بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين العرب، (وبين بعض العرب وبعض)(أمروا) أَلاَّ ينقضوا عهودهم بعد أن عقدوها وأكَّدوها بالْحَلْف - وعلىهذا أكثر الناس في الآية -.