﴿ قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً ﴾
قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تَخَافِتْ بِهَا﴾:
روي عن ابن عباس أنه قال: هي منسوخةٌ بقوله في الأعراف: ﴿وَاذْكُررَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وخيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ﴾ [الأعراف: ٢٠٥]، يريد أيضاًأنه - صلى الله عليه وسلم - أُمر في "سبحان" أن لا يخافِتَ بصَلاته، وأُمر في "الأعراف" أن يخافت بها. فقال: ﴿واذكر ربك في نفسك تضرّعاً﴾، وكلا الآيتين مكّي.
وقد كان لقائل أن يقول: إن آيةَ "سبحان" نَسَخَت آيةَ الأعراف، وأنه صلى الله عليه وسلم أُمر في الأعراف أن يَذكُرَ ربَّه في نفسه، ثم نسخ ذلك (بالآية) في سبحان، فأمر ألاّ يخافت، (لولا ما) روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر بالقراءة فيسمعُه المشركون فيسبّوا القرآن ومَن جاء به، فخفضَالنبي - صلى الله عليه وسلم - صوته حتى لا يسمعوا، فأمر أن يَبْتَغِي بين ذلك سبيلاً، لا مُخافَتَةً ولا جهراً.
وقد يجوز أن يكون هذا منسوخاً بزوال العِلَّة التي من أجلها أمر أنلا يجهر بصَلاتِه، لأن ذلك إنما كان لأَجل أَذى المشركين له وللقرآن إذا سمعوه يقرأ (فلما زال) ذلك بالهجرة من بين ظهراني المشركينرجعت الصَّلاة إلى الجهر بالقراءة فيها، وبيَّنَت السُّنَّةُ أن ذلك في صلاةالليل خاصة والنافلة، فتكونُ الآيةُ كآياتِ آخر سورة الممتحنة - وقد مضىذكرها - وسيأتي ذكر ذلك في موضعه.
وقد رُوِيَ عن أبي هريرة وأبي موسى وعائشة رضي الله عنهم أن معنى"الصلاة" - في هذا الموضع -: الدعاء، فتكون محكمةً غيرَ منسوخة.
وقد رُوِيَ (النَّهْيُ عن) النبي - عليه السلام - في رفع الصوتبالدعاء، (فهو) مثل الآية في التأويل، وقد قال - جلّ ذكره -: ﴿ادْعُواربّكُمْ تَضَرّعاً وخفيةً﴾ [الأعراف: ٥٥].
ورُوِيَ عن الحسن أنه قال: معنى ﴿ولاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ ولاَ تُخَافِتْبِهَا﴾: (لا تُرائي بها) في العلانية، وتخونها في السر، فالمعنى على قوله: لا يجتمع منك الجهرُ بالصلاة في العلانية وتركُ فِعْلِهَا في السر، ولايجوز أن يُنْسَخَ هذا المعنى.