﴿ لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً ﴾
قوله تعالى: ﴿لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ﴾ - الآية -.
قيل إنها منسوخة بالسنّة، أطلق اللهُ لِلنَّبيِّ بالوحي إليه، أن يتزوَّجَ مَنْشاء بعد نزول هذه الآية.
قال زيدُ بن أسلم: تزوَّجَ النبيُّ ميمونةَ ومليكةَ بنتَ كعب، وصفيَّةَ بنتَحُييّ وجويريَّةَ بنتَ الحارث بعدما نزلت هذه الآية.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما مات النبي - عليه السلام -حتى أحلّ الله له النِّساء.
وقيل: هي منسوخةٌ بالقرآن بقوله: ﴿تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وتُؤْوِيإِلَيْكَ مَن تَشَاء﴾ [الأحزاب: ٥١]، وهو مَرْوِيٌّ عن علي - عليه السلام - وابنِ عباس، - وهوقول الضحاك -.
فيكون هذا - على هذا القول - مِمَّا نَسَخَ فيه الأَوَّلُ الآخرَ فيالتلاوة في سورةٍ واحدةٍ [كنسخ الْحَوْل في العِدَّة بأربعةِ أَشْهُرٍ وعشراً، وهُوَ قبلَه في التلاوة وفي سورة واحدة] وهو (نذرٌ قليل) في القرآن.
وقد قال الحسنُ وابنُ سيرين: الآيةُ محكمةٌ، وقد حرَّمَ الله على نبيّه- عليه السلام - أن يتزوَّجَ على نسائه لأَنَّهنَّ اخْتَرْنَ الله ورسولَه والدَّارَ الآخرةَفخورين في الدنيا بهذا. وهذا قولٌ حَسَنٌ وهو ظاهرُ النَّصِّ المقطوعِ علىغيبه - [وما روى عن الأخبارِ لا يُقْطَعُ على غيبه} -، لأنه ليس بإخبار تواتر، وإذا كان كذلك، فلا يزيلُ ما يُقْطَعُ على غيبه (ما لا يقطعُ على غيبه)، وقد مضى نحو هذا.
وقد قال أبو أُمامة بنُ سَهْل: لما حَرَّمَ الله عَلَيْهِنَّ أن يتزوجْنَ بعدَهحرم عليه أن يتزوج عَلَيْهِنّ.
وعن ابن عباس أيضاً أنه قال: نهى اللهُ رسولَه - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوجَ بعدنسائه الأُوَل شيئاً. فالآية محكمةٌ أيضاً على هذيْن القولَيْن، وكذلك قالقتادةُ، قال: لما اخْتَرْنَ اللهَ ورسولَه والدَّارَ الآخرةَ، قصرُه اللهُ عَلَيْهِنّ، وقَصَرَهُنَّ عليه، فقال: ﴿لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ﴾، أي من بعد التسعاللواتي مات عنهنّ.
وقد قال أُبيُّ بنُ كعب: إن معنى ﴿وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواج﴾: ليسَ (لك أَن تُطَلِّقِهَنّ) بعد أن اخْتَرْن اللهَ ورسولَه والدارَ الآخرةَ، ولكنلك أن تتزوّج عَلَيْهِنّ مَنْ شِئْت.
وقيل: من بعد هذه الصفة. [وقيل من بعد هذه التسمية التيقدمت.
وقيل من بعد هذا] السبب المتقدم الذكر.
وقال مجاهدُ وابنُ جبير: إنما حرَّمَ اللهُ (عليه) نكاحَ الكوافر من أَهلالكتاب، ومعنى "من بعدُ"، أي: من بعد المسلمات لِئَلا تكون كافرةٌ أُمّاًللمؤمنين.
وقيل: إن الآيةَ ناسخةٌ لما أُبيحَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من تزويجه مَنْ شاءَمن النساء بقوله: ﴿تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وتُؤْوي﴾ [الأحزاب: ٥١] - الآية -، ولقوله: ﴿إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَك﴾ [الأحزاب: ٥٠] - وهو قول محمد بن كعب القرظي -.