﴿ قَالَ رَبِّ ٱجْعَلْ لِّيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَٱذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ ﴾
قولُه تعالى: ﴿قالَ آيتُكَ ألاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إلاّ رَمْزاً﴾:
مَن أجازَ نَسْخَ القرآن بالسُّنَّةِ، قال: هذا منسوخٌ بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:"لا صمت يوماً إلى الليل".
قال أبو محمد: وهذا لا يجوزُ أن يكونَ فيه نسخٌ؛ لأنه خبرٌ من اللهلنا عما كان مِن أمره لزكريّا عليه السلام. وليس بأمرٍ لنا. ولا (تَعبَّدنا اللهُبه فيجوزُ أن يُنْسَخ. إنّما هو حكايةٌ عمّا كان. ولا (تُنْسَخُ الحكاياتُلأنها إخبارٌ عمَّا كان.
وقد قيل: إن معنى الحديث: "لا صُمْتُ عَن ذكرِ الله يوماً إلى الليل"، وتركُ ذكرِ الله ممنوعٌ منه في كُلِّ شريعةٍ، فهذا هو المختار.
وإنما يجوز أن يكونَ هذا منسوخاً: لِقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صمتُ يوماً إلىالليل" - على قول مَن قال: إن شرائعَ الأنبياء يلزمُنا العملُ بها ما لم يُحْدِثاللهُ لنا حُكْماً يخالفُها. وهذا أصلٌ فيه تنازعٌ "بين أَهلِ الأُصول" سنذكره فيغير هذا الكتاب، وقد (ذكرنا) متقدِّماً منه طرفاً وإشارةً تُنَبِّهُ علىالصَّواب في ذلك.