﴿ إِلاَّ ٱلَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَٰقٌ أَوْ جَآءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَٰتِلُوكُمْ أَوْ يُقَٰتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَٰتَلُوكُمْ فَإِنِ ٱعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَٰتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَمَ فَمَا جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً ﴾
قولُه تعالى: ﴿إلاَّ الّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُم وبَيْنَهُم مِيثَاقٌ﴾ الآية:
أمر الله - جلّ ذكرُه - بإباحة القتل لمن تخلَّف بمكة ولم يهاجر، فقاليُوَبِّخُ المؤمنين: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِين فِئَتَيْن واللهُ أرْكَسَهُمْ بِماكَسِبُوا﴾ [النساء: ٨٨] إلى قوله: ﴿بَصِيراً﴾ [النساء: ٨٨]، فأباح تضليلَهم وتكفيرَهم وقتلَهم، ثم استثنى منهم من اتصل منهم بقوم لهم عهدٌ عند المسلمين، فصار (مَناتصل) منهم بقوم بينهم وبين المسلمين عهدٌ لا يُقْتَل، ثم نَسَخَ الله ذلك(بقوله): ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُموهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، وهو قول ابن عباسوقتادة. وقال قتادة: نبذ في براءة إلى كل ذي عهد عهدَه، ثم أمر الله (بالقتالوالقتل)، حتى يقولوا: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، ومعنىيَصِلُون ينتسبون (وينتمون)، وعن ابن عباس (أنه) قال: نسخ هذهالآية ونسخ قَوْلَه: ﴿لاَ ينْهَاكُم اللهُ عَن الّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّين﴾ [الممتحنة: ٨]- الآية - قَوْلُهُ في براءة: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، وقَوْلُه:﴿وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كافَّةً﴾ [التوبة: ٣٦].
قال أبو محمد: وكذلك هذا نَسَخ جميعَ آياتِ الأمر بالصَّفْحِ والعفوِوالمهادنةِ حيثُ كانت. وقد مضى ذكر هذا.
قولُه تعالى: ﴿فَإن اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُم، وأَلقَوْا إلَيْكُمُ السَّلَمَ، فَماجَعَل اللهُ لَكُم عَلَيْهِم سبيلاً﴾ [النساء: ٩٠].
قال ابن أَبي أُويس: هذا منسوخ بآية براءة: ﴿اقتُلُوا المُشْرِكِينَ حيثوَجَدتُمُوهُمْ﴾، قال وكذلك كُلُّ صُلْحٍ في القرآن منسوخ بالأمر بالقتال فيبراءة وغيرها.