﴿ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَٰدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْه وإِنَّه لَفِسْقٌ﴾:
قال عكرمةُ: هي منسوخة بقوله: ﴿وَطَعامُ الّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّلَكُمْ﴾ [المائدة: ٥]، فأَحَلَّ لنا طعامَهم، وهم لا يُسَمُّونَ على ذبائحهم، - وهذا قول مكحول وعطاء -.
وقيل: هي محكمةٌ ولا يجوز أن تؤكلَ ذبيحةٌ لم يُذْكَرِ اسْمُ الله عليها،- وهو قول الحسن، وابن سيرين والشعبي - وقد أُجْمعَ على جوازِ أكل ذبيحة الناسي لِذكر الله عند الذَّبْح.
وقيل: الآيةُ مُخَصَّصَةٌ مُحْكَمة، والمرادُ بها الْمُتَعَمِّدُ لِتَرْكِ التَّسميةِ على الذبيحة، وخَصَّصَها إباحةُ أكل ذبائحِ أَهل الكتاب - وهو قولُ ابنِ جُبَيْروالنَّخعي ومالك وأبي حنيفة - غير أَنَّ مالكاً يكرهُ أكلَ ذبيحة الكتابي إذاعلم أنه لم يُسَمِّ مُتَعَمِّداً، ولم يُحَرِّم ذلك، وقد بينّا هذا في المائدة بأشبعمن هذا.
وقد يتوهم متوهِّمٌ أنَّ قولَه: ﴿وَلاَ تَأكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهعليه﴾ [الأنعام: ١٢١] أَتى عامّاً في كُلِّ طعام، (والإِجماعُ) على أن المرادَ به الذبائحُناسخٌ لذلك، وليس الأمرُ كذلك، إنما الإِجماع (بيَّنَ وخَصَّصَ) أن المرادَبذلك الذبائحُ، ولو كان ذلك نسخاً عند مَن أجاز النسخَ بالإِجماع لوجَبَبالنسخ أن يؤكلَ كُلُّ ما لم يُذْكَرِ اسمُ الله عليه مِن ذبيحةٍ وغيرِها، لأَنّ حقَّالناسخ إزالةُ حُكْم المنسوخ، وهذا لا يجوز، وإنما هو (تخصيصٌوتبيينٌ) بالإِجماع؛ إذ المرادُ الذبائحُ خاصةً دون سائر الطعام، وفي الآية ما يدلُّ على ذلك.