﴿ فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً﴾:
أدخل المؤلفونَ للنَّاسخ والمنسوخ هذا فيه، وقالوا: هو ناسخٌ لماكان الله حرَّم على مَن كان قبلنا من أكل الغنائم، إنما كانت نارٌ تنزل منالسماء فتحرق الغنائم، وقد قال النبي عليه السلام: "لم تَحِلَّ لأحد قبلَنا"، ودلَّ على ذلك أنهم لما أسرعوا إلى أكل الغنائم قبل أن ينزل بذلك قرآنٌ عاتَبَهُم الله على ذلك وأباح لهم فعلَهم رحمةً منه لهموتفضّلاً عليهم، فنزل: ﴿لَولاَ كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَق لَمَسَّكُم فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌعَظِيمٌ﴾ [الأنفال: ٦٨]، ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً﴾ [الأنفال: ٦٩]، والمعنى:
لولا أن الله قضى أن يُحِلَّ لكم الغنائم لَعوقبتم على أَخذِها.
وقيل المعنى: لولا أنه سبق في علم الله أَلاَّ يُعَذِّبَ أحداً إِلاَّ بعدالتقدم إليه لعاقَبَكُم اللهُ على أخذِكُم الغنائم [قبل إباحته إياها لَكُم].
وقيل معناه: لولا أنه سبق منه المغفرةُ (لأهل) بدرٍ لعاقَبَكُمعلى أخذِكُم للغنائم.
وقيل معناه: لولا أنه سبق في حكمه أن يغفر الصَّغائر لمن اجتنبَ الكبائرَ لعاقبكُم على أخذكم الغنائم.
قال أبو محمد: وقد كانَ يجب ألاَّ يضافَ هذا وشبهُه إلى الناسخوالمنسوخ لأنه لم ينسخ قرآناً، إنما نسخَ حكماً كان في من (كان) قبلَنا، والقرآنُ كُلُّه على هذا المعنى ناسخٌ لما كانوا عليه من شرائِعهم، ولِما أحدثوا (بغير) شرعٍ من الله لهم.