﴿ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿قَاتِلُوا الذِينَ لا يُؤمِنونَ باللهِ ولاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ﴾الآية:
هذه الآيةُ ناسخةٌ للعفْوِ عن المشركين مِن أهل الكتاب وغيرهم.
وقيل: هي ناسخةٌ لقولِه: ﴿وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٣٦] فأَمَر بقتلالمشركينَ خاصةً دون أهل الكتاب، ثم أمرَ بقتال المشركين مِنأهل الكتاب وغيرِهم، فنسخت تخصيصَ الأمر بالقتال للمشركين(وغيرِهم). وهذا القولُ غيرُ صواب لأنه يلزم منه تركُ قتالِ المشركين.
ولكنْ إِنَّما نسخَت مفهومَ الخطاب في قولِه: ﴿وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ﴾لأَنَّه فُهِمَ منه تركُ قتالِ أهل الكتاب لِتَخصيصِه المشركين، ثم نسخَ ذلك قولُه تعالى: ﴿قَاتِلُوا الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ باللهِ ولاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ﴾ [التوبة: ٢٩] إلى قوله:﴿مِنَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ﴾ [التوبة: ٢٩]، فأباح قتالَ أهل الكتاب المفهوم في الآيةالأولى ترك قتالهم حتى يعطوا الجزيةَ، فكُلُّ كتابيٍّ مشركٌ، وليس كُلُّ مشركٍ كتابياً. فالمرادُ بقوله: ﴿وقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٣٦] يعني: الذين ليسوا مِن أهل الكتاب.
وقيل: هو تبيين أَنَّ المرادَ بقوله: ﴿وقَاتِلُوا المُشْرِكِين﴾: يريدُ غيرَأهل الكتاب، وقولُه: ﴿قَاتِلُوا الّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ بالله﴾ - الآية - (مرادٌ به)أَهلُ الكتاب، لقوله تعالى: ﴿مِنَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ﴾، فالآيتانمحكمتان إحداهما مُبَيِّنةٌ للأخرى.
وقد قيل: إنَّ قولَه: ﴿وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢] ناسخٌلقوله: ﴿وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كافَّةً﴾، وهذا إِنَّما يجوز إذا جعلتَ "كافةً" حالاً من الضمير في قوله ﴿قاتِلُوا﴾ فأَمَّا إن جعلته حالاً من المشركين، فلا يحسن فيه هذا، لأن قتالهم كُلَّهُم لازمٌ واجب.