﴿ عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ ٱلْكَاذِبِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿عَفَا اللهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ﴾ الآيات الثلاث:
قال ابنُ عباس: نسخَ هذه الآيات الثلاث (قولُه تعالى): ﴿فَإِذَااسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذِن لِمَن شِئْتَ مِنْهُمْ﴾ [النور: ٦٢].
وقال الحسنُ وعكرمةُ: إنّ قولَه: ﴿لاَ يَسْتَأذِنُكَ الّذِينَ يُؤْمِنُونَ باللهِواليَوْمِ الآخِر﴾ [التوبة: ٤٤]. نسخه قولُه: ﴿فَإِذَا استَأذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأنِهِمْ فَأْذَن لِمَنشِئْتَ مِنْهُمْ﴾ [النور: ٦٢].
وعن ابن عباس أنه قال: الثَّلاثُ الآيات محكمات، وإنما هو تعييرٌ وتوبيخ للمنافقين حين استأذنوا النبي - عليه السلام - في القُعودعن الجهاد بغيرِ عُذْر، وعذَرَ اللهُ المؤمنين فقال: ﴿فَإِذَا اسْتَأذَنُوكَ لِبَعْضِشَأْنِهِمْ فَأْذَن لِمَن شِئْتَ مِنْهُمْ﴾.
قال أبو محمد: وهذا قولٌ حَسَنٌ، فلا ينسخُ جوازَ الاستئذانِللمؤمنين منعُ الاستئذان للمنافقين، لأن استئذان المنافقين لغير عذر كان، واستئذان المؤمنين لعذر، (فهما) استئذانان مختلفان، لا ينسخ أهدُهماالآخرَ، وهو الصَّواب إن شاء الله.
وأيضاً، فإن استئذانَ المنافقين، إنما كان في أَن يتخلفوا عن الخروجمع رسول الله إلى الجهاد، واستئذانَ المؤمنين إنما هو في أمر يعرِض لهم فيحال قتالهم والمكافحة للمشركين، وقد رُوِيَ أن المؤمنين إنَّما استأذنواالنبي - صلى الله عليه وسلم - لبعض حوائجَ يقضونها ويرجِعون، وهم يحفرون الخندقحولَ المدينة.