وَمَنْ رَمَى أُمَّ قَوْمٍ فَقَدْ رَمَاهُمْ وَإِمَّا لِلْإِشَارَةِ إِلَى التَّعْمِيمِ وَلَكِنَّ الرُّمَاةَ لَهَا كَانُوا مَعْلُومِينَ فَتَعَدَّى الْحُكْمُ إِلَى مَنْ سِوَاهُمْ فَمَنْ يَقُولُ بِمُرَاعَاةِ حُكْمِ اللَّفْظِ كَانَ الِاتِّفَاقُ هَاهُنَا هُوَ مُقْتَضَى الْأَصْلِ وَمَنْ قَالَ بِالْقَصْرِ عَلَى الْأَصْلِ خَرَجَ عَنِ الْأَصْلِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِدَلِيلٍ وَنَظِيرُ هَذَا تَخْصِيصُ الِاسْتِعَاذَةِ بِالْإِنَاثِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ لِخُرُوجِهِ عَلَى السَّبَبِ وَهُوَ أَنَّ بَنَاتِ لَبِيَدٍ سَحَرْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَذَا قَالَ أَبُو عَبِيدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الَّذِي سَحَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو لبيد ابن الْأَعْصَمِ كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ
وَقَدْ تَنْزِلُ الْآيَاتُ عَلَى الْأَسْبَابِ خَاصَّةً وَتُوضَعُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مَعَ مَا يُنَاسِبُهَا مِنَ الْآيِ رِعَايَةً لِنَظْمِ الْقُرْآنِ وَحُسْنِ السِّيَاقِ فَذَلِكَ الَّذِي وُضِعَتْ مَعَهُ الْآيَةُ نَازِلَةً عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ لِلْمُنَاسَبَةِ إِذْ كَانَ مَسُوقًا لَمَّا نَزَلَ فِي مَعْنًى يَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ اللَّفْظِ الْعَامِّ أَوْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَفْرَادِ الدَّاخِلَةِ وَضْعًا تَحْتَ اللَّفْظِ الْعَامِّ فَدَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ هَلْ هِيَ كَالسَّبَبِ فَلَا يَخْرُجُ وَيَكُونُ مُرَادًا مِنَ الْآيَاتِ قَطْعًا؟ أولا ينتهي في القوة إِلَى ذَلِكَ؟ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ غَيْرُهُ وَتَكُونُ الْمُنَاسَبَةُ مُشَبَّهَةً بِهِ؟ فِيهِ احْتِمَالٌ


الصفحة التالية
Icon