كُهَّانُ الْعَرَبِ تَأْلَفُهُ وَنَفْيُهُ مِنَ الْقُرْآنِ أَجْدَرُ بِأَنْ يَكُونَ حُجَّةً مِنْ نَفْيِ الشِّعْرِ لِأَنَّ الْكِهَانَةَ تُخَالِفُ النُّبُوَّاتِ بِخِلَافِ الشِّعْرِ
وَمَا تَوَهَّمُوا أَنَّهُ سَجْعٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ مَجِيئَهُ عَلَى صُورَتِهِ لَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ هُوَ لِأَنَّ السَّجْعَ مِنَ الْكَلَامِ يَتْبَعُ الْمَعْنَى فِيهِ اللَّفْظَ الَّذِي يُؤَدِّي السَّجْعَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا اتَّفَقَ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَى السَّجْعِ مِنَ الْقُرْآنِ لِأَنَّ اللَّفْظَ وَقَعَ فِيهِ تَابِعًا لِلْمَعْنَى وَفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَنْتَظِمَ الْكَلَامُ فِي نَفْسِهِ بِأَلْفَاظِهِ الَّتِي تُؤَدِّي الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ فِيهِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى مُنْتَظِمًا دُونَ اللَّفْظِ وَمَتَى ارْتَبَطَ الْمَعْنَى بِالسَّجْعِ كَانَ إِفَادَةُ السَّجْعِ كَإِفَادَةِ غَيْرِهِ وَمَتَى انْتَظَمَ الْمَعْنَى بِنَفْسِهِ دُونَ السَّجْعِ كَانَ مُسْتَجْلِبًا لِتَحْسِينِ الكلام دون تصحيح المعنى
قال وأما ما ذَكَرُوهُ فِي تَقْدِيمِ مُوسَى عَلَى هَارُونَ فِي مَوْضِعٍ وَتَأْخِيرِهِ عَنْهُ فِي مَوْضِعٍ لِأَجْلِ السَّجْعِ ولتساوي مَقَاطِعِ الْكَلَامِ فَمَرْدُودٌ بَلِ الْفَائِدَةُ فِيهِ إِعَادَةُ الْقِصَّةِ الْوَاحِدَةِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ تُؤَدِّي مَعْنًى وَاحِدًا وَذَلِكَ مِنَ الْأَمْرِ الصَّعْبِ الَّذِي تَظْهَرُ فِيهِ الْفَصَاحَةُ وَتَقْوَى الْبَلَاغَةُ وَلِهَذَا أُعِيدَتْ كَثِيرٌ مِنَ الْقَصَصِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مُخْتَلِفَةٍ عَلَى تَرْتِيبَاتٍ مُتَفَاوِتَةٍ تَنْبِيهًا بِذَلِكَ عَلَى عَجْزِهِمْ عَنِ الْإِتْيَانِ بمثله مبتدأ به ومكررا