مسألة: في جواز النسخ بالكتاب
لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ نَسْخِ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ وَقَالَ: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بما ينزل﴾، وَلِذَلِكَ نَسَخَ السُّنَّةَ بِالْكِتَابِ كَالْقِصَّةِ فِي صَوْمِ عَاشُورَاءَ بِرَمَضَانَ وَغَيْرِهِ.
وَاخْتُلِفَ فِي نَسْخِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ حُذَّاقُ الْأُمَّةِ عَلَى الْجَوَازِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ".
وَأَبَى الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ فِي إِسْقَاطِ الْجَلْدِ فِي حَدِّ الزِّنَا عَنِ الثَّيِّبِ الَّذِي رجم فَإِنَّهُ لَا مُسْقِطَ لِذَلِكَ إِلَّا السُّنَّةُ فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قُلْنَا: أَمَّا آيَةُ الْوَصِيَّةِ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ نَاسِخَهَا الْقُرْآنُ وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فَقَدِ اشْتُهِرَ ذَلِكَ لِظَاهِرِ لَفْظٍ ذَكَرَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَإِنَّمَا مُرَادُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ لَا يُوجَدَانِ مُخْتَلِفَيْنِ إِلَّا وَمَعَ أَحَدِهِمَا مِثْلُهُ نَاسِخٌ لَهُ وَهَذَا تَعْظِيمٌ لِقَدْرِ الْوَجْهَيْنِ وَإِبَانَةُ تَعَاضُدِهِمَا وَتَوَافُقِهِمَا وَكُلُّ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَفْهَمْ مُرَادَهُ
وَأَمَّا النَّسْخُ بِالْآيَةِ فَلَيْسَ بِنَسْخٍ بَلْ تَخْصِيصٍ ثُمَّ إِنَّهُ ثَابِتٌ بِالْقُرْآنِ الَّذِي نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ وَهُوَ "الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فارجموهما"


الصفحة التالية
Icon