ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ وَهَذَا النَّاسِخُ مُقَدَّمٌ فِي النَّظْمِ عَلَى الْمَنْسُوخِ
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْمَعَالِي: وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ نَاسِخٌ تَقَدَّمَ عَلَى الْمَنْسُوخِ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ: هذا أحدهما والثاني قوله: ﴿يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك﴾ الْآيَةَ فَإِنَّهَا نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ من أزواج﴾.
قُلْتُ: وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ مَوْضِعًا آخَرَ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قبلتهم التي كانوا عليها﴾ هِيَ مُتَقَدِّمَةٌ فِي التِّلَاوَةِ وَلَكِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾.
وَقِيلَ: فِي تَقْدِيمِ النَّاسِخَةِ فَائِدَةٌ وَهِيَ أَنْ تَعْتَقِدَ حُكْمَ الْمَنْسُوخَةِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِنَسْخِهَا
وَيَجِيءُ مَوْضِعٌ رَابِعٌ وَهُوَ آيَةُ الْحَشْرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ﴾ الْآيَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا شَيْءٌ لِلْغَانِمِينَ وَرَأَى الشَّافِعِيُّ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْأَنْفَالِ وَهِيَ قَوْلُهُ: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غنمتم من شيء فأن لله خمسه﴾.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الضَّرْبَ يَنْقَسِمُ إِلَى مَا يَحْرُمُ الْعَمَلُ بِهِ وَلَا يَمْتَنِعُ كَقَوْلِهِ: ﴿إِنْ يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين﴾ ثُمَّ نَسْخِ الْوُجُوبِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ: ﴿وَلَا تَعْتَدُوا إن الله لا يحب المعتدين﴾ قِيلَ: مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عليه﴾.


الصفحة التالية
Icon