وكذا قوله: ﴿ما أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ ما يوم الدين﴾ وَقَوْلُهُ: ﴿فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قدر﴾ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ وَأَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ: هَلْ هُوَ إِنْذَارُ تَأْكِيدٍ أو إنذاران؟ إن قُلْتَ": سَوْفَ تَعْلَمُ ثُمَّ سَوْفَ تَعْلَمُ "كَانَ أَجْوَدُ مِنْهُ بِغَيْرِ عَطْفٍ لِتُجْرِيَهُ عَلَى غَالِبِ اسْتِعْمَالِ التَّأْكِيدِ وَلِعَدَمِ احْتِمَالِهِ لِتَعَدُّدِ الْمُخْبَرِ بِهِ.
وَأَطْلَقَ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ مَالِكٍ فِي شَرْحِ" الْخُلَاصَةِ "أَنَّ الْجُمْلَةَ التَّأْكِيدِيَّةَ قَدْ تُوصَلُ بِعَاطِفٍ وَلَمْ تَخْتَصَّ بِثُمَّ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ وَالِدِهِ التَّخْصِيصَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ واتقوا الله﴾ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ فِيهِمَا وَاحِدٌ كَمَا قَالَهُ النَّحَّاسُ وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَالْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَالشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ وَرَجَّحُوا ذَلِكَ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ" التَّقْوَى "الْأُولَى مَصْرُوفَةً لِشَيْءٍ غَيْرِ" التَّقْوَى "الثَّانِيَةِ مَعَ شَأْنِ إِرَادَتِهِ.
وَقَوْلُهُمْ: إِنَّهُ تَأْكِيدٌ فَمُرَادُهُمْ تَأْكِيدُ الْمَأْمُورِ بِهِ بِتَكْرِيرِ الْإِنْشَاءِ لَا أَنَّهُ تَأْكِيدٌ لَفْظِيٌّ وَلَوْ كَانَ تَأْكِيدًا لَفْظِيًّا لَمَا فُصِلَ بِالْعَطْفِ وَلَمَا فَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ: ﴿وَلْتَنْظُرْ نفس﴾.
فَإِنْ قُلْتَ:"اتَّقُوا" الثَّانِيَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى "وَلْتَنْظُرْ".