فَيُقَدَّرُ آثَرُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّهُ أَيُّهُمَا أَوْلَى تَرْجِيحُ الْإِضْمَارِ أَوِ التَّضْمِينِ؟.
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ تَفْصِيلًا حَسَنًا وَهُوَ: إِنْ كَانَ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ تَصِحُّ نِسْبَتُهُ إِلَى الِاسْمِ الَّذِي يَلِيهِ حَقِيقَةً كَانَ الثَّانِي مَحْمُولًا عَلَى الْإِضْمَارِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنَ التَّضْمِينِ نَحْوَ: [يَجْدَعُ اللَّهُ أَنْفَهُ وَعَيْنَيْهِ]، أَيْ وَيَفْقَأُ عَيْنَيْهِ فَنِسْبَةُ الْجَدْعِ إِلَى الْأَنْفِ حَقِيقَةٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ فِيهِ ذَلِكَ كَانَ الْعَامِلُ مُضَمَّنًا مَعْنَى مَا يَصِحُّ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْإِضْمَارُ كَقَوْلِهِمْ:
*عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا*
وَجَعَلَ ابْنُ مَالِكٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قَوْلَهُ تعالى: ﴿اسكن أنت وزوجك الجنة﴾ قَالَ: لِأَنَّ فِعْلَ أَمْرِ الْمُخَاطَبِ لَا يَعْمَلُ فِي الظَّاهِرِ فَهُوَ عَلَى مَعْنَى: [اسْكُنْ أَنْتَ وَلْتَسْكُنْ زَوْجُكَ] لِأَنَّ شَرْطَ الْمَعْطُوفِ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِأَنْ يَعْمَلَ فِيهِ مَا عَمِلَ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَهَذَا مُتَعَذِّرٌ هُنَا لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: [اسْكُنْ زَوْجَكَ].
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَا تضار والدة بولدها ولا مولود﴾ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ [مَوْلُودٌ] مَعْطُوفًا عَلَى [وَالِدَةٌ] لِأَجْلِ تَاءِ الْمُضَارَعَةِ أَوْ لِلْأَمْرِ فَالْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ أَنْ تُقَدِّرَ مَرْفُوعًا بِمُقَدَّرٍ مِنْ جِنْسِ الْمَذْكُورِ أَيْ وَلَا يُضَارُّ مَوْلُودٌ لَهُ.
وقوله تعالى: ﴿والطير﴾، قَالَ الْفَرَّاءُ: التَّقْدِيرُ: [وَسَخَّرَنَا لَهُ الطَّيْرَ] عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿فَضْلًا﴾ وَقِيلَ: هُوَ مَفْعُولٌ مَعَهُ، ومن رفعه فقيل: على المضمر في [آتى]، .