بَرَاءَتِهِ وَدَوَامُهَا مِمَّا عَبَدُوهُ وَلَوْ مَرَّةً بِخِلَافِ قوله: ﴿لا أعبد ما تعبدون﴾ فَإِنَّ النَّفْيَ مِنْ جِنْسِ الْإِثْبَاتِ وَكِلَاهُمَا مُضَارِعٌ يَظْهَرَانِ جُمْلَةً وَمُنْفَرِدًا.
وَمِنْهُ تَكْرِيرُ الْأَمْرِ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فِي ثَلَاثِ آيَاتٍ مِنْ سورة البقرة١ لن الْمُنْكِرِينَ لِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ كَانُوا ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ مِنَ النَّاسِ الْيَهُودُ لِأَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِالنَّسْخِ فِي أَصْلِ مَذْهَبِهِمْ وَأَهْلُ النِّفَاقِ أَشَدُّ إِنْكَارًا لَهُ لأنه كان أول نسخ نزل وكفارة قُرَيْشٍ قَالُوا نَدِمَ مُحَمَّدٌ عَلَى فِرَاقِ دِينِنَا فيرجع إليه كما رجع إلى قبلتناوكانوا قَبْلَ ذَلِكَ يَحْتَجُّونَ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يَدْعُونَا إِلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَقَدْ فَارَقَ قِبْلَتَهُمَا وَآثَرَ عَلَيْهَا قِبْلَةَ الْيَهُودِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِينَ أَمْرَهُ بِالصَّلَاةِ إِلَى الْكَعْبَةِ: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظلموا منهم﴾ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، أَيْ لَكِنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ لَا يَرْجِعُونَ وَلَا يَهْتَدُونَ. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ أَيْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا فَلَا تَمْتَرِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يعلمون﴾، أَيْ يَكْتُمُونَ مَا عَلِمُوا أَنَّ الْكَعْبَةَ هِيَ قِبْلَةُ الْأَنْبِيَاءِ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حتى حين. وأبصرهم فسوف يبصرون﴾.
وَقَالَ صَاحِبُ [الْيَنْبُوعِ] : لَمْ يَبْلُغْنِي عَنِ الْمُفَسِّرِينَ فيه شيء.


الصفحة التالية
Icon