وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْأَقْسَامَ إِنَّمَا تَجِبُ بِأَنْ يُقْسِمَ الرَّجُلُ بِمَا يُعَظِّمُهُ أَوْ بِمَنْ يُجِلُّهُ وَهُوَ فَوْقَهُ وَاللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ شَيْءٌ فَوْقَهُ فَأَقْسَمَ تَارَةً بِنَفْسِهِ وَتَارَةً بِمَصْنُوعَاتِهِ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى بارىء وَصَانِعٍ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ خَالَوَيْهِ.
وَقَسَمُهُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم في قوله: ﴿لعمرك﴾ لِيَعْرِفَ النَّاسُ عَظَمَتَهُ عِنْدَ اللَّهِ، وَمَكَانَتَهُ لَدَيْهِ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ: فِي [كَنْزِ اليواقيت] : والقسم بالشيء لايخرج عن وجهين: إما لفضيلة أو لمنعفة، فَالْفَضِيلَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَطُورِ سِينِينَ. وَهَذَا الْبَلَدِ الأمين﴾ والمنفعة نحو: ﴿والتين والزيتون﴾.
وأقسم سبحانه بثلاثة أشياء:.
أحداها: بذاته، كقوله تعالى: ﴿فورب السماء والأرض﴾. ﴿فوربك لنسألنهم أجمعين﴾.
وَالثَّانِي: بِفِعْلِهِ، نَحْوَ: ﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا. وَالْأَرْضِ وما طحاها. ونفس وما سواها﴾.
والثالث: مفعوله، نحو: ﴿والنجم إذا هوى﴾. ﴿والطور وكتاب. مسطور﴾.
وَهُوَ يَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ إِلَى مُظْهَرٍ وَمُضْمَرٍ:
فالمظهر: كقوله تعالى: ﴿فورب السماء والأرض﴾ ونحوه


الصفحة التالية
Icon